يظهر من آخر.
وفصّل بعض الأفاضل (١) فقال : إن أرادوا أنّه لا يجوز العمل بالظواهر التي ادّعيت إفادتها للظنّ المحتملة لمثل التخصيص والتقييد والنسخ وغيرها ، لصيرورة أكثرها متشابها بالنسبة إلينا فلا يفيد الظنّ ، وما أفاد الظنّ منه قد منعنا عن العمل به ، مع قبول أنّ في القرآن محكما بالنسبة إلينا أيضا ، فلا كلام معهم.
وإن أرادوا أنّه لا محكم فيه أصلا ، فهو باطل.
أقول : وهذا التفصيل غفلة عن محلّ النزاع ، فإنّ هذا التشابه على الوجه الذي ذكره لا اختصاص له بالكتاب ، بل هو يجري في الأخبار أيضا ، وقد مرّ بيانه في باب وجوب البحث عن المخصّص في العامّ ، بل النزاع في المقام إنّما هو بالنسبة إلى خصوص الكتاب ، وإنّما نشأ هذا النزاع من جهة بعض الأخبار الذي دلّ على أنّ علم القرآن مختصّ بالمعصومين عليهمالسلام ، وأنّه لا يجوز تفسيره لغيرهم (٢) ، وذلك لا يختصّ بوقت دون وقت وبزمان دون زمان.
وأمّا ما ذكره المفصّل فهو إنّما يصحّ في زمان عروض الاختلالات ، لا في أوّل زمان النزول.
فنقول : الحقّ ، القول بجواز العمل.
فأمّا في الصّدر الأوّل الذي خوطب به المشافهون فلأنّ الضّرورة قاضية بأنّ الله تعالى بعث رسوله صلىاللهعليهوآله وأنزل إليه الكتاب بلسان قومه مشتملا على أوامر ونواهي
__________________
(١) وهو الفاضل السيد صدر الدّين على ما أفاده في الدرس كما عن الحاشية.
(٢) وقد أتى على بحثها الكثير من الاصوليين ، وأشبعها بيانا الفاضل الفتوني في «الوافية» ص ١٣٦.