تنبيهان :
الأوّل : المعتبر في الاتّصاف بالصدق والكذب هو ما يفهم من الكلام ظاهرا لا ما هو المراد منه ، فلو قال : رأيت حمارا ، وأراد منه البليد من دون نصب قرينة ، فهو يتّصف بالكذب ، وإن لم يكن المراد مخالفا للواقع.
وكذلك إذا رأى زيدا واعتقد أنّه عمرو ، وقال : رأيت رجلا ، فهو صادق ، لأنّ المفهوم من اللّفظ مطابق للواقع ، بل والاعتقاد أيضا (١) ، وإن لم يكن معتقده في شخص الرّجل موافقا للواقع ، فهو على مذهب الجاحظ أيضا صدق.
والمعتبر في مطابقة الواقع هو مطابقته واقعا ، ولكن يكفي في الكشف عن ذلك اعتقاد المطابقة وإن كان مخالفا لنفس الأمر. ونظيره ما أشرنا اليه في العدالة ، فإنّ اعتقاد كونه عدلا في نفس الأمر ، يكفي في اتّصافه بالعدالة.
نعم ، ذلك الاتّصاف دائر مدار عدم ظهور الفساد ، ثمّ يتبدّل.
الثاني : المشهور أنّ الصّدق والكذب من خواصّ النسبة الخبريّة دون التقييديّة ، مثل : يا زيد الفاضل ، وغلام زيد.
وقيل بعدم الفرق بينهما في ذلك ، لأنّ النسبة التقييدية أيضا إمّا مطابق للواقع أو غير مطابق للواقع ، ف : يا زيد الإنسان ، صادق ، و : يا زيد الفرس ، كاذب ، و : يا زيد الفاضل ، محتمل.
والتحقيق على ما ذكره بعض المحقّقين (٢) : أنّ النسبة الذهنية في المركّبات
__________________
(١) فصادق على مذهب النظّام من هذه الجهة.
(٢) وهو السيد الشريف في حاشية «المطوّل».