تتميم : إذا تكثّرت الأخبار في الوقائع واختلفت ، لكن اشتمل كلّ منها على معنى مشترك بينها بالتضمّن أو الالتزام ، وحصل العلم بذلك القدر المشترك بسبب كثرة الأخبار ، فيسمّى ذلك متواترا بالمعنى (١) ، وقد مثّلوا بذلك بشجاعة عليّ عليه الصلاة والسلام ، وجود حاتم ، فقد روي عنه عليهالسلام : أنّه فعل في غزوة بدر كذا ، وفي أحد كذا ، وفي خيبر كذا ، وهكذا ، وكذلك عن حاتم أنّه أعطى فلانا كذا وفلانا كذا وهكذا. فإنّ كلّ واحد من الحكايات الأوّل يستلزم شجاعته عليهالسلام ، وكلّ واحد من الحكايات الأخر يتضمّن جود حاتم ، لأنّ الجود المطلق جزء الجود الخاصّ.
وفيه مسامحة ، لأنّ الجود صفة للنفس وليس من جملة الأفعال حتّى تتضمّنه ، بل هو مبدأها وعلّتها ، فذلك أيضا من باب الاستلزام.
وتحقيق المقام أنّ التواتر يتصوّر على وجوه :
الأوّل : أن يتواتر الأخبار باللفظ الواحد ، سواء كان ذلك اللفظ تمام الحديث مثل : «إنّما الأعمال بالنيّات» (٢) ، على تقدير تواتره كما ادّعوه ، أو بعضه كلفظ : «من كنت مولاه فعليّ مولاه» (٣) ، ولفظ : «إنّي تارك فيكم الثّقلين» (٤) ، لوجود تفاوت في سائر الألفاظ الواردة في تلك الأخبار.
والثاني : أن يتواتر بلفظين مترادفين أو ألفاظ مترادفة مثل : إنّ الهرّ طاهر ،
__________________
(١) ويقال له المتواتر المعنوي أيضا قبالا للمتواتر اللّفظي.
(٢) «إنّما الأعمال بالنيّات وإنّما لامرئ ما نوى» ، «التهذيب» ج ١ ص ٨٣ ب ٤ ح ٦٧ ، و «الوافي» ج ٣ ص ٧١ ب ٤٧ ح ٢.
(٣) اخرجه الطبراني الهيثمي في «المعجم الكبير» ، وفي «بغية الرائد في تحقيق مجمع الزوائد» بسند مجمع على صحته.
(٤) أخرجه الحاكم والذهبي في «المستدرك» و «التلخيص».