وقيل : لا يجوز إلّا الأقلّ في العدد دون غيره ، فيجوز : أكرم بني تميم إلّا الجهّال ، وإن كان العالم فيهم واحدا.
واعتبر المحقّق (١) في الجواز أن لا ينتهي الكثرة الى حدّ يقبح استثناؤها عادة ، مثل أن يقال : له عليّ مائة إلّا تسعة وتسعين ونصفا.
احتجّ الأكثرون (٢) بامور :
الأوّل : قوله تعالى : (إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغاوِينَ)(٣). مع قوله : (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ.)(٤)
فإن قلنا باشتراط كون المستثنى أقلّ من المستثنى منه ، يلزم أن يكون كلّ من المخلصين والغاوين أقلّ من الآخر ، وهو محال.
فإنّ الآية الثانية تدلّ على أنّ غير المخلصين كلّهم غاوون ولا واسطة ، فيكون الباقي من العباد بعد إخراج الغاوين في الآية الأولى ، هم المخلصين لعدم الواسطة.
وممّا قرّرناه وحرّرناه في وجه الاستدلال ، يظهر لك فساد كلّ ما أورد عليه ، فلا نطيل ببيانه.
__________________
ـ تستقبح استثناء الأكثر وتستحمق قول القائل : رأيت ألفا إلّا تسعمائة وتسعة وتسعين ، بينما ذهب إلى صحّته الغزالي وإن كان مستكرها ، وفي «الذريعة» : ١ / ٢٤٧ : منع منه قوم والأكثر يجوّزونه وفي «التهذيب» : ص ١٣٩ : ويجوز الأكثر للإجماع.
(١) في «المعارج» : ص ٩٤.
(٢) راجع «الذريعة» و «التهذيب» و «الفصول» و «المحصول» وغيرهم.
(٣) الحجر : ٤٢.
(٤) ص : ٨٢ و ٨٣.