وقد اعترض على الاستدلال أيضا : بأنّ مقتضى الآية الوجوب الكفائي على كلّ فرقة ، ولا يقول به أحد.
واجيب : بأنّه مخصّص بالدّليل ، والأولى أن يقال أنّ المراد بالفرقة في الآية الجماعة العظيمة التي تحتاج إلى منذر مستقلّ ، مثل بني حرب أو بني أسد ونحوهما ، لا محض ما يصدق عليه الفرقة لغة ، فيصحّ الوجوب الكفائي في الكلّ (١).
واعترض أيضا : بإمكان حمل التفقّه على التفقّه في اصول الدّين. وهو أيضا بعيد (٢) لأنّ المفهوم منه في العرف هو الفروع ، مع أنّه أهمّ بالتهديد على ترك النفر فيه ، لاستقلال العقل فيه غالبا دون الفروع ، مع أنّ الخطاب متعلّق بالمؤمنين واتّصافهم بكونهم مؤمنين لا يكون إلّا بعد كونهم عالمين بما يعتبر في الإيمان.
واعترض أيضا : بأنّ التفقّه ظاهر في الاجتهاد ومعرفة الأحكام ، فلا يدلّ الآية إلّا على لزوم عمل المقلّد بفتوى المجتهد ، وهو خارج عن المبحث ، وهو اتّفاقي.
وأجيب (٣) : بمنع ثبوت كونه حقيقة في ذلك في عرف الشّارع ، بل هو اصطلاح جديد ، فيحمل على معناه اللّغوي وهو مطلق الفهم ، وهو صادق على سماع الخبر ونقله مع أنّه مستلزم لتخصيص القوم بالمقلّدين ، وهو أيضا مجاز.
نعم ، يمكن أن يدّعى أنّ المتبادر من الفهم والإنذار هو الفتوى لا نقل الخبر ، فتأمّل.
__________________
(١) وإن لم يصحّ الوجوب العيني.
(٢) جواب على الاعتراض المذكور.
(٣) راجع «المعالم» ص ٣٤٥.