هذا كلّه مبنيّ على المشهور (١) في تفسير الآية.
وأمّا على التفسير الآخر ، وهو أن يكون المراد بالطوائف المجاهدين ، وأن يكون التفقّه واجبا على المتخلّفين ، فيمكن توجيه الاستدلال أيضا بملاحظة ما سبق كما لا يخفى.
الثالث :
قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى مِنْ بَعْدِ ما بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتابِ أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ)(٢)الآية. فإنّ المنقول عن النبيّ صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام أيضا من الهدى ، ويظهر وجه الاستدلال ممّا بيّنّا سابقا من التبادر ، فإنّ الظاهر من وجوب إظهاره أنّه يجب على السّامع الامتثال به ، فتأمّل.
__________________
(١) أشار الى سادس الايرادات على الآية المذكورة وهو كون التفقه والانذار مراد من النافرين ، والحذر والقبول مقصودا من المتخلّفين كما هو ظاهر الآية وصريح الرواية ، ومن ذلك ما رواه عبد المؤمن الأنصاري قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام إنّ قوما يروون أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : اختلاف أمتي رحمة. فقال : صدقوا. فقلت : إن كان اختلافهم رحمة فاجتماعهم عذاب. قال : ليس حيث تذهب وذهبوا ، إنّما أراد قول الله عزوجل : (فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ،) فأمرهم أن ينفروا الى رسول الله صلىاللهعليهوآله فيتعلّمون ثم يرجعوا الى قومهم فيعلموهم ، إنّما أراد اختلافهم في البلدان لا اختلافا في دين الله ، إنّما الدّين واحد.
(٢) البقرة : ١٥٩.