الخامس (١) :
الأدلّة الدالّة على حجّية ظنّ المجتهد في حال غيبة الإمام عليهالسلام من أمثال زماننا المتباعدة عن زمان الأئمّة عليهمالسلام.
واعلم أنّ ما تقدّم من الأدلّة إنّما يدلّ على حجّية المراد بخبر الواحد ، فإنّه هو المتبادر من النبأ والإنذار ، وهو المستفاد من الإجماع الذي نقلناه.
وأمّا حجّية ما يفهم من لفظ الخبر ، والظنّ الحاصل من جهة دلالته ، وأنّ هذا المظنون هو المراد أو غيره ، مع تفاوت ذلك بسبب أفهام النّاظرين والمعاصرين للأئمّة عليهمالسلام والمتباعدين ، فهو يحتاج إلى دليل آخر من إجماع على حجّية أمثال هذه الظّنون أو غيره من الأدلّة التي تدلّ على حجّية ظنّ المجتهد في أمثال زماننا.
فهذه الأدلّة دلالتها على حجّية خبر الواحد ليس من حيث إنّه خبر الواحد ، ولا تشمل جميع الأزمان والأوقات ، بل هي إنّما تتمّ في أمثال زماننا وتدلّ على حجّية مطلق الظنّ ، وهي حقيقة أدلّة على جواز عمل المجتهد بالظنّ إلّا ما أخرجه الدّليل ، في مقابل قول من لا يجوّز العمل إلّا باليقين (٢) أو بالظنّ الذي ثبت فيه الرّخصة من الشّارع.
والأوّل أشهر وأظهر (٣) ، بل الظاهر من طريقة الفقهاء هو الأوّل.
ولعلّ وجه نزاعهم في خبر الواحد واستدلالهم على حدّه ، إنّما هو لأجل إثبات
__________________
(١) من الأدلّة الدالة على حجيّة الخبر الواحد.
(٢) وهو قول السيّد ومن تبعه.
(٣) الأظهر والأشهر من القولين عند المصنّف هو العمل بأخبار الآحاد ونحوها في زمن غيبة الامام عليهالسلام من باب الظنّ المطلق لا الخاص.