ودعوى قطعيّة حجّية الظنّ الحاصل من الكتاب قد عرفت الكلام فيه (١) ، وأنّه ليس بثابت في الأصل ، وعلى فرض الثبوت فلم يثبت فيما كان هناك خبر واحد يدلّ على حكم بالخصوص ، مع أنّ الآية إنّما تفيد العموم لو كانت كلمة ما نكرة ، ولو كانت موصولة فلا تنافي (٢) جواز اتّباع بعض الظّنون.
وأمّا مثل قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ)(٣) فعلى خلاف الأصل ، فإنّ الظاهر من ليس كلّ ، أنّه سور للسّلب الجزئي.
وأمّا عن آية الذمّ ، فمع أنّه يرد عليه بعض ما ذكر فيه (٤) انّها ظاهرة في أصول الدّين بالنظر إلى سياقها ، وإن قلنا بأنّ السّبب والمحلّ لا يخصّص اللفظ.
سلّمنا العموم في جميع الآيات لكن ما ذكرنا من الأدلّة يخصّصها ، لأنّ الخاصّ مقدّم على العامّ.
وأمّا الثاني : فهو ما ذكره السيّد المرتضى رحمهالله في «جواب المسائل التبانيات» (٥)
__________________
(١) من أصحاب الظنّ المطلق والأخباريين.
(٢) لأنّ الموصولة عام وعمومها ليس من جهة النفي ، والنفي الوارد على العام يفيد سلب العموم الذي يقال له رفع الايجاب الكلي ، ولا ريب إنّه لا ينافي الايجاب الجزئي.
(٣) لقمان : ١٨.
(٤) أي بعض ما ذكر في الاستدلال بها ، أي في الاستدلال السابق.
(٥) في الحاشية بتقديم الباء الموحّدة على التاء ، قال في القاموس : البتان كغراب اسم قرية ينسب اليها ابو الفضل البتاني الفقيه الزاهد ، والبتان بكسر الباء وبالفتح وتشديد التاء أيضا قرية من مضافات حرّان وإليها ينسب احمد بن جابر البتّاني المنجّم. ولكن الصحيح التبانيات وهي أجوبة للسيّد على أسئلة ابو عبد الله محمّد بن عبد الملك التباني وهي أسئلة في الاجماع المصطلح عندهم وعن القياس وعن ادلّة عدم قبول السيّد للخبر الواحد وهي رسالة مهمة لأهميّة السّائل والأسئلة المسئول.