من اللوازم المذكورة ، فالملازمة المدّعاة في كلامه ممنوعة ، وإن كان بطلان اللوازم ظاهرا.
وحجّة القول بالعمل بخبر مجهول الحال : أنّ الله تعالى علّق وجوب التثبّت على فسق المخبر ، وليس المراد الفسق الواقعي ، وإن لم يعلم به ، وإلّا لزم التكليف بما لا يطاق. فتعيّن أن يكون المراد الفسق المعلوم ، فانتفاء الأمر بالتثبّت ليس بالردّ ، للزوم كونه أسوأ حالا من معلوم الفسق ، وهو باطل ، فهو بالقبول أولى.
وممّا بيّنا يظهر لك جوابه ، من أنّ المراد بالفسق هو الفسق النفس الأمري ، وبعد إمكان تحصيل العلم به أو الظنّ فلا يلزم تكليف بما لا يطاق ، وقد يتمسّك بالأصل في نفي الفسق ، وهو باطل ، لأنّ الأظهر أنّ العدالة أمر وجودي ، فالأصل بالنسبة إليهما سواء ، مع أنّه معارض بغلبة الفسق في الوجود ، وأنّه مقتضى الشّهوة والغضب اللّتين هما غريزتان في الإنسان ، والرّاجح وقوع مقتضاهما ما لم يظهر عدمه.
والحاصل (١) ، أنّ مجهول الحال ملحق بالفاسق في الحكم ، وأمّا قبول قول المسلم المجهول الحال في التذكية (٢) والطّهارة ورقّ الجارية ونحوها ، فهو من دليل خارجيّ من القاعدة المقتضية لحمل فعل المسلم وقوله على الصحّة ومطابقته للأصل (٣) في بعضها ، وأمّا إخراج الخبر والشّهادة من البين ، فلأنّهما مخصّصان بالدّليل الخاصّ ، والسرّ فيهما أنّهما يثبت بهما الحكم على الغير غالبا ، ولذلك لا يسمع قول المدّعي بمجرّده ولو كان عدلا.
__________________
(١) اي حاصل ردّ التمسّك المذكور وحاصل المعارضة المذكورة وحاصل كلامنا. كما في الحاشية.
(٢) أي تذكية الحيوان.
(٣) كأصالة الطهارة.