وفيه : أنّه مع اختلاف المجتهدين في معنى العدالة والجرح وعدد الكبائر وغير ذلك ، فلا يكفي كونه ذا بصيرة ، إذ لعلّه يبني كلامه على مذهبه ولا يعلم موافقته للحاكم والمجتهد إلّا أن يقال إطلاقه مع عدم العلم بالموافقة ، واحتمال عدم الموافقة تدليس ، وظاهر العدل عدم التدليس.
وبذلك يندفع إشكال احتمال غفلته عن هذا المعنى ، فإنّ المعيار هو الظاهر ، وأنت خبير بأنّ الكلامين في محلّ المنع.
نعم ، يتمّ ذلك فيما إذا كان تزكيته لأجل عامّة المكلّفين أو لمن كان قوله حجّة عليه ، ومن هذا يحصل الجواب عن إشكال مشهور وهو أنّ مذاهب علماء الرجال غير معلومة لنا الآن فكيف نعلم موافقتهم لما هو مختارنا في العدالة حتّى يرجع إلى تعديلهم ، إذ هم يطلقون العدالة والجرح ولا نعلم سببه عندهم ، بل ونرى العلّامة أنّه يبني تعديله على تعديل الشيخ مثلا ، مع أنّا نعلم مخالفتهما في المذهب.
وتوضيحه (١) : أنّ احتمال أن يكون تعديلهم على وفق مذهبهم خاصّة مع كونهم عارفين بالاختلاف وتفاوت المذاهب ، مع أنّ تأليفهم إنّما هو للمجتهدين وأرباب النظر لا لمقلّديهم في زمانهم ، إذ لا يحتاج المقلّد إلى معرفة الرجال.
والظّاهر أنّ المصنّف لمثل هذه الكتب لا يريد اختصاص مجتهدي زمانه به حتّى يقال أنّه صنّفه للعارفين بطريقته ، سيّما وطريقة أهل العصر من العلماء عدم الرجوع إلى كتب معاصريهم من جهة الاستناد غالبا ، وإنّما ينفع المصنّفات بعد موت مصنّفه غالبا وسيّما إذا تباعد الزّمان (٢).
__________________
(١) اي توضيح الجواب لهذا الاشكال. وفي بعض النسخ التوضيح ان ... الخ.
(٢) فكلما كان الزّمان بعيدا كلما كان اعتبار الكتاب أكثر ، وأمّا لو كان قريبا فتضعيفه أظهر.