الاشتهار كسلمان وأبي ذرّ ، أو من جهة المزكّيين اللّذين عاشرا الرّاوي ، ومع ذلك فلم يميّزوا بينهم ولم يفرّقوا بين من ثبت عدالته عندهم من مثل ما ذكر ، أو من جهة الاجتهاد ، ويلزم من جميع ذلك جواز تقليد المجتهد للمجتهد.
وإذا كان كذلك فلا فرق بين ما ذكر وبين أن يقول الصدوق مثلا أو الكليني مثلا : إنّ ما ذكرته من الرّوايات صحيحة أو يقول العلّامة : هذه الرّواية صحيحة مع كون السند مشتملا على من لم يوثّقه أحد من علماء الرّجال.
قلت : إنّ اشتراط العدالة في الرّاوي إمّا للإجماع ، أو للآية.
أمّا الأوّل فلم يثبت إلّا على اشتراطه ، لقبول الخبر من حيث هو ، وإلّا فلا ريب أنّ أكثر الأصحاب يعملون بالأخبار الموثّقة والحسنة والضعيفة المعمول بها عند جلّهم.
وأمّا الآية فمنطوقها يدلّ على كفاية التثبّت في العمل بخبر الفاسق فضلا عن مجهول الحال ، وهذا نوع تثبّت ، مع أنّا قد حقّقنا سابقا أنّ المعيار في حجّية خبر الواحد والمعتمد هو الدليل الخامس والمعتبر هو حصول الظنّ ، وإنّما ذكرنا سائر الأدلّة على فرض تسليمها لبيان إمكان إثبات حجّيتها مع قطع النظر عن انسداد باب العلم أيضا.
وكذلك الكلام في إثبات العدالة ، فأيّ مانع من الاعتماد على هذا الظنّ وليس ذلك من باب التقليد ، بل لأنّه مفيد للظنّ للمجتهد كما يرجع إلى قول اللّغوي ، بل واجتهادات المصنّفين في اللغة ، وذلك لا ينافي حرمة تقليدهم في الفروع الشرعية (١) ، فإذا حصل الظنّ من جهة تصحيح الصدوق للرواية وتصحيح
__________________
(١) بل في الأصول أيضا لما مرّ سابقا بأنّه اجتهاد لا تقليد وكذلك في اللّغة.