والى ما ذكرنا (١) ، ينظر الكلام السّابق على الاستدلال وإجرائه على القول بالحقيقة أيضا كما نبّهنا عليه ، وسيجيء في القانون الآتي أيضا إشارة الى ذلك.
وممّا ذكرنا ، يظهر لك ضعف ما قد يعارض أقربيّة المجاز المرجّحة للحجّيّة في تمام الباقي على ما ذكرنا ، بتيقّن إرادة الواحد وأقلّ الجمع ، وكذلك ضعف هذه المعارضة في بيان عدم جواز التخصيص إلّا بإرادة جمع يقرب من المدلول ، كما أشرنا إليه في محلّه.
هذا ، ولكنّي لم أقف في كلماتهم تنبيها على ما ذكرنا ، فإنّهم ذكروا حجّة المفصّل بالحجّيّة في أقلّ الجمع دون غيره كما ذكرنا ، ولم يتعرّضوا لما فيه ، فلا بدّ لهم أن يجيبوا عنه : بأنّ تيقّن الأقلّ إنّما يفيد الحجّيّة إذا تعيّن ، فلا ثمرة لهذا الكلام ، وإن اعتمد المفصّل في التعيين على قرينة أخرى ، فهذا ليس من حجّيّة العامّ في الباقي في شيء كما لا يخفى ، بل الحجّيّة حينئذ إنّما ثبت في العام مع القرينة المذكورة.
تنبيه
قد عرفت أنّ المخصّص المتّصل هو الاستثناء المتّصل والغاية والشرط والصّفة وبدل البعض. ولا يخفى أنّ المخرج في الاستثناء والغاية هو المذكور بعد أداتهما ، وفي الباقيات هو الغير المذكور ، فالباقي في قولنا : أكرم الناس إلّا الجهّال ، هو الناس العلماء ، وفي : أكرم العلماء الى أن يفسقوا ، هو غير من فسق من العلماء.
__________________
(١) الى ما ذكرنا من كون المراد من التخصيصات هو ملاحظة التعيّنات ينظر كلامنا السّابق في توجيهه استدلال القائل بعدم الحجيّة مطلقا وإجرائه على القول بالحقيقة أيضا ، هذا كما في الحاشية.