الدالّة على التوقّف عند الشّبهة.
والجواب عن أدلّة الأوّل : القول بموجبها ، إذ نحن أيضا نكفّ عن حكم ما لم نعلم حكمه بالخصوص ، والذي نحكم به هو حكم ما لم نعرف حكمه بالخصوص من حيث إنّا لا نعرف حكمه بالخصوص ، لا من حيث هو بالخصوص ، فنحن لا نحكم فيما لا نصّ فيه إلّا بما علمنا من الكتاب والسنّة والإجماع ، وهو أصالة البراءة.
فإن قلت : أخبار التوقّف مطلقة ولا وجه لتقييدها بما ذكرت ، بل مقتضاها التوقّف عن الحكم فيما لا نعلم حكمه بالخصوص (١) ، خصوصا وعموما.
قلت : أوّلا : إنّ من تتبّع تلك الأخبار يظهر له أنّ مرادهم عليهمالسلام من ذلك المنع عن العمل بالقياس (٢) ، ولا نطيل الكلام بذكر تلك الأخبار ، وإن شئت فراجع الى مظانّها من كتاب «الكافي» وغيره. وأكثر الكتب جمعا لذلك هو كتاب «وسائل الشيعة» في أبواب القضاء ، ولا ريب أنّ القياس إنّما يثبت حكم الجزئيّات لا الكلّيّات.
وثانيا : إنّ المعارضات ممّا دلّ على أصل البراءة أقوى سندا ودلالة واعتضادا بالكتاب والسنّة والعقل والعمل ، بل الإجماع والموافقة للملّة السّمحة السّهلة ، ونفي العسر والحرج والضّرر ، فهي أولى بالتقييد والتأويل (٣).
فحاصل البحث : أنّكم تقولون إنّ حكم المشتبه وما لا يعلم حكمه بالخصوص ،
__________________
(١) أي حكم واحد شخصي معلوم ولم نعلم حكمه بالخصوص ، كما في الحاشية.
(٢) ومن أين لنا حتى نقطع بثبوت هذا المراد ، والتّقييد ليس من بيّنة عليه.
(٣) وكذا ذكره الوحيد في رسالة أصالة البراءة من «الرسائل الأصولية» ص ٣٦٥.