هو التوقّف لهذه الأخبار ، ونحن نقول : هو أصالة البراءة لتلك الأخبار والأدلّة ، وأدلّتنا أقوى ، فنطرح أدلّتكم ، أو نقول : غاية الأمر تساوي الطّرفين ، فيرجع الى ما تعارض فيه النصّان ، وسيجيء أنّ المختار فيه التخيير ، فيرجع الى أصالة البراءة أيضا.
وثالثا : إنّ دلالة تلك الأخبار على الوجوب ممنوعة ، بل الظّاهر من كلّها أو من ملاحظة مجموعها ؛ الاستحباب والأولويّة ونحن لا نمنعه (١) ، بل نقول : باستحباب الاحتياط والترك (٢) فيما يحتمل الحرمة ، والتوقف (٣) في العمل والفتوى ، والعمل على الاحتياط. ولا يخفى ما ذكرنا على من لاحظها أدنى ملاحظة ، فإنّها مذكورة في سياق الوعظ والتزهيد والترغيب في الخبر ، والردع عمّا سعى أن يصير موجبا للدخول في الحرام ، لا النّهي والزّجر الصّريح في الحرمة.
ورابعا : إنّ بما ذكرنا يحصل الجمع بين الأدلّة جمعا قريبا لا تشمئزّ منه الأفهام المستقيمة ، بخلاف ما لو حمل على ظواهر ما ذكرتم ، فإنّ حمل أخبار أصل البراءة على خلاف ظاهرها ، مثل حملها إمّا على شبهة الموضوع ، أو على ما يحتمل الوجوب لا ما يحتمل الحرمة ؛ بعيد ، بل لا يمكن جريانه في بعضها ، مثل قوله عليهالسلام : «أيّما إمرئ ركب أمرا بجهالة». حيث ورد في لبس المخيط للإحرام ، وحكاية التزويج في العدّة المذكورة في صحيحة عبد الرحمن بن الحجّاج الآتية
__________________
(١) في الحاشية : فلا وجه لمنع دلالتها على الوجوب ، بل هي صريحة في الوجوب كما لا يخفى.
(٢) عطف تفسير.
(٣) كالعطف التّفسيري للاحتياط والترك.