ما لا تعلم [نعلم] حكمه ، فحكمه الواضح البيّن هو الحليّة سيما فيما هو منفعة خالصة ، ولا يدرك العقل فيها مضرّة. ولو فرض فيها مضرّة. ولو فرض فيها مضرّة كامنة لا تعلمها [نعلمها] فارتكابها من جهة الاعتماد على رخصة الشّارع لعلّه ترياق لهذا السّم الكامن فيه ، فلا مانع من القول باستحباب الاجتناب فيما لا نصّ فيه من جهة جهالة حكمه بالخصوص.
وكذلك الكلام في شبهة الموضوع وفيما تعارض فيه النصّان فللكلّ جنبتان يستحبّ الاجتناب عنها من جهة الخصوصيّة ، ويجوز ارتكابها من جهة عموم الأدلّة فيما لا نعلم.
وأمّا ثالثا : فالعمل بهذا الحديث يوجب حرمة الموضوع المشتبه أيضا (١).
والقول : بأنّ أكل الفاكهة الغير المنصوصة حرام لهذا الحديث ، وأكل مال العاشر الذي معيشته من العشور حلال إذا احتمل وجود الحلال فيه غريب ، بل هذه الرّواية في موضوع الحكم الشرعي أظهر من غيره ، وحمل ما مرّ من الأدلّة المبيحة لما لا نصّ فيه على الشّبهة في موضع الحكم ، وحمل هذه على نفس الحكم كما ترى ، فكما ترد هذه الرّواية نقضا علينا ترد عليهم أيضا (٢).
وأمّا رابعا : فعلى فرض دلالتها على الحرمة تحملها على الاستحباب كما هو ظاهر سياقها أيضا ، لكون ما ذكرناها من الأدلّة أقوى من جهات شتى كما مرّ.
فإن قلت : إنّ مقبولة عمر بن حنظلة التي ذكر فيها هذا الحديث ، ذكر الصادق عليه الصلاة والسلام فيها أوّلا من جملة وجوه الترجيح بين الأخبار تقديم
__________________
(١) كما هو في الشّبهة الحكمية.
(٢) لقولهم بعدم وجوب الاجتناب في الشّبهة الموضوعية.