فقالوا : يجب اجتناب الشّبهة المحصورة دون غيرها ، واستدلّ عليه (١) بأنّ الحكم بحلّيّة المجموع ، يستلزم الحكم بحلّيّة ما هو حرام علينا قطعا ، وطهارة ما هو نجس جزما كالإناءين المشتبهين والثوبين كذلك ، والدّرهمين اللّذين أحدهما غصب.
وإن حكمنا بأنّ أحدهما نجس أو حرام ، فهو ترجيح من غير مرجّح شرعيّ ، وبأنّ الحرمة والنجاسة تكليفان يجب امتثالهما ، ولا يتمّ إلّا باجتناب الجمع ، وما لا يتمّ الواجب إلّا به ، فهو واجب.
والفرق بين المحصور وغير المحصور (٢) ، أنّ ارتكاب جميع المحتملات ممكن ومتحقّق عادة في المحصور ، فيحصل اليقين باستعمال الحرام والنجس بخلاف غير المحصور ، فلا يتحقّق العلم فيه عادة لمكلّف واحد باستعمال المحظور. وحصوله لجميع المكلّفين غير مضرّ ، لأنّ كلّا مكلّف بعلم نفسه ، وإذ ليس فليس ، وذلك كواجد المنيّ في الثوب المشترك ، وبأنّ الشّبهة المحصورة ليست بداخلة فيما لا يعلم حتى يشمله أدلّة الأصل ، لأنّ حرمة أحدها أو نجاسته يقينيّة فيجب امتثالهما يقينا ، كعموم : (أَطِيعُوا اللهَ) ،وغيره.
أقول : والأقوى فيه أيضا أصالة البراءة ، بمعنى أنّه يجوز الاستعمال بحيث لا يحصل العلم بارتكاب الحرام ، ونحن لا نحكم بحلّيّة المجموع أبدا حتى يلزم الحكم بحلّيّة الحرام الواقعيّ اليقينيّ ، ولا نحكم بحلّيّة أحدهما بعينه وحرمته ليلزم التحكّم ، بل نقول بحلّيّة الاستعمال ما لم يتحقّق استعمال ما لا ينفكّ عن استعمال
__________________
(١) وهذا الدليل ضعيف لما ستعرفه من المصنّف.
(٢) راجع «الفوائد الحائرية» للوحيد ص ٢٤٦ و ٢٤٧.