والأسباب الشّرعيّة كالعقود والجنايات ونحو ذلك ، فنقول : يترتّب الآثار على الأسباب وإن لم يكن المكلّف عالما بترتّبها ، ولا يتوقّف الترتّب بالعلم بأنّ الشّارع رتّب هذا [على] ذلك.
ومرادنا بالواجبات والمحرّمات أيضا غير التوصّليات ، وإلّا فالواجبات التوصّلية أيضا لا يضرّ في ترتيب الآثار عليها جهالة كونها عن الشّارع ، فعليك بالتأمّل في مواقع المسألة والتّمييز ، والله الموفّق.
واعلم ، أنّ الكلام في هذه المسألة بالنّظر الى الغافل والجاهل الغير المقصّر يظهر ثمرته في وجوب الاستغفار وعدمه ، ولزوم القضاء وعدمه ، وأمّا بالنسبة الى الباحثين عنها ، فمسألة علميّة لا عمليّة.
نعم ، يثمر بالنّسبة إليهم في التبليغ والإرشاد وعدمه.
وأمّا تفصيل الكلام في المقام الثاني فهو أنّ المشهور جواز التّجزّي في الاجتهاد ، ومنعه جماعة.
والمراد بالمتجزّي عالم حصل له ما هو مناط الاجتهاد في بعض المسائل فقط بحسب علمه أو بحسب ظنّه وإن لم يكن كذلك في نفس الأمر ، بأن يكون قادرا على استخراج برهة من الأحكام من المأخذ فقط ، مثل إن يحصّل بتتبّعه أنّ الأخبار الدالّة على أحكام مسائل الوضوء أو مطلق الطهارة أو الصّلاة أيضا هي التي عثر عليها ، وعلم إجمالا أن لا معارض لها في الأخبار الدالّة على أحكام المناكح والمواريث والحدود والديات وغير ذلك ، وعلم أنّ آيات الأحكام في هذه المسألة إنّما هي التي علمها ، ولا معارض لها.
وكذلك علم مواقع الخلاف والوفاق في المسألة بالتتبّع في كتب القوم في مظانّ هذه المسائل وكان عالما بعلم الأصول وطريقة الاستدلال ، فيرجع ذلك الى