على جواز الأخذ عنه.
ثمّ يشكل المقام في قولنا : إنّ بعد جواز التّقليد في الفروع فإنّما يتعيّن المجتهد العادل للتقليد ، ولا يجوز تقليد غيره ، فإنّ ذلك في معنى أنّ هذا القسم من الأخذ بقول الغير مخرج عن التّقليد على الاصطلاح الأوّل ، لأنّه عمل بقول الغير بالدّليل ولذلك يجوز ، وأمّا غيره فهو بقول الغير من غير دليل فلا يجوز.
وفيه : أنّك قد عرفت سابقا أنّ أخذ العامّيّ من مثله قد يكون من جهة حجّة من عنده وأنّه مكلّف به حينئذ ، فيكون هو مثل تقليد للمجتهد [المجتهد] واعتبار كون الدّليل على الأخذ دليلا في نفس الأمر لا عند المكلّف ، لا يتمّ للزوم الظّلم في الفرق بين المكلّفين الآخذين أحدهما بقول المجتهد والآخر بقول غيره مع عدم معرفة كليهما بوجوب الأخذ من المجتهد ، وعدم أخذ الآخذ من المجتهد من جهة الدّليل ، بل أخذه رجما بالغيب أو بمظنّة أنّه أيضا مثل العامّيّ الآخر الذي أخذ منه الآخر. واعتبار أن يكون الدّليل دليلا عنده وفي نفس الأمر كليهما في جواز التّقليد أيضا ممّا لم يدلّ عليه دليل ، كما مرّ وسيجيء.
ويمكن رفع هذا الإشكال بتخصيص النّزاع في الصّورة التي زالت (١) الغفلة بالمرّة وحصل الشّك في الصحّة ، وهو مخصوص بالعلماء والأذكياء كما سنشير إليه ، ولكنّ كلماتهم مطلقة ، ولم نقف على تفصيل في كلامهم ، إلّا أن يقال : اعتمدوا في التّقييد على أصولهم المقرّرة النّافية للظّلم المثبتة للعدل.
وكيف كان ، فالمشهور بين علمائنا المدّعى عليه الإجماع أنّه يجوز لمن لم يبلغ رتبة الاجتهاد التّقليد للمجتهد في المسائل الفرعيّة ، بمعنى أنّه لا يجب على كلّ
__________________
(١) في نسخة الأصل (زال).