المسائل الاجتهادية ، سيّما إذا كانت (١) النّصوص من أخبار الآحاد التي فيها المعركة العظمى ، فلا يجوز الاعتماد على الإجماع والنّصوص إلّا بعد الاجتهاد في حجّيتهما وجواز العمل عليهما ، فإذا اعتمد في ذلك على العلماء ، فهو تقليد ، وإن كان يجتهد في ذلك أيضا فلا فرق بينهم وبين المجتهد ، مع أنّ ظاهرهم أنّهم يفرّقون ، حيث قال : واكتفوا فيه بمعرفة الإجماع الى آخره.
وكيف كان فالمسألة واضحة ، وضعف القولين أظهر من إن يبيّن.
نعم ، هاهنا كلام آخر وهو أنّ إثبات جواز التّقليد للعامّيّ في الفروع أو وجوب الاجتهاد من المسائل النّظريّة التي لا بدّ أن يجتهد فيها ، واجتهاد المجتهد فيها كيف ينفع العامّيّ ، ورجوع العامّيّ الى المجتهد فيها امّا بالتّقليد ، ففيه : أنّه يتوقّف على جواز التقليد فيه وهو دور ، نظير ما أورد على التّجزّي ، وامّا بالاجتهاد وهو خلاف الفرض.
ويمكن دفعه : بأنّ عدم وجوب الاجتهاد عليه من المسائل الكلاميّة التي لا بدّ أن يستقلّ بها المقلّد ، فلا يرجع فيها الى تقليد المجتهد ، بل يجتهد المقلّد فيها فيحكّم عقله إمّا بعدم وجوب الاجتهاد في الجزئيّات ، أو بجواز تقليده في عدم وجوب الاجتهاد ، ثمّ التّقليد فيها ، لأنّ العقل بعد التأمّل ، سيّما بعد سماعه عن العلماء ، إنّما يجوز له التّقليد لقبح التكليف بما يوجب اختلال النظام ويستلزم العسر والحرج أو المحال ؛ يحكم بعدم وجوب الاجتهاد ، فهذا أيضا اجتهاد للعامّيّ ويجب عليه الرّجوع الى اجتهاده حينئذ ، كما أنّه يرجع في جواز الرّجوع الى المجتهد حينئذ الى الكبرى الكليّة الثّابتة له من الأدلّة المذكورة مع بقاء التكليف
__________________
(١) في نسخة الأصل (كان).