دلّ على عرض الأخبار على الكتاب.
وثانيا : بعد تسليم ذلك فنقول : إنّ دلالتها على التمسّك بالألفاظ والعرض عليها يعني بظواهرها ، وعلى ظواهرها ظنيّة إذ ذهب جماعة من الأخباريين الى أنّ المراد التمسّك بما فسّرها الأئمّة عليهمالسلام بها ، والعرض على ما فسّروه به وإن كان خلاف الظّاهر ، فحينئذ ننقل الكلام الى هذه الأخبار ونقول : دلالتها على ما نحن فيه حينئذ إنّما يتمّ لو قلنا بالعلم بأنّ تلك الأخبار أيضا من قبيل تأليفات المصنّفين الّذين يرضون بما يفهمه المتحاورون.
يعني أنّ الحاصل لنا من تلك الأخبار إنّما يكون حجّة لأجل ذلك ، وهو في غاية البعد فيما نحن فيه ، بخلاف الكتاب العزيز ، أو ندّعي العلم بأنّ متفاهم المخاطبين بها علما أو ظنّا كان ذلك ، وأنّى لك بإثبات العلم في المقامين.
سلّمنا أنّ الكتاب العزيز من باب تصنيفات المصنّفين ، لكنّ مقتضى ذلك أن يكون الظنّ الحاصل منه حجّة من جهة أنّه ظنّ حاصل منه ، والمفروض أنّ الظّنون الحاصلة اليوم من القرآن العزيز ليست بظنون حاصلة منه فقط ، إذ الظّن الحاصل من اللّفظ إنّما هو من جهة وضع اللّفظ وحقيقته أو مجازه ، والاعتماد على أصل الحقيقة أو القرينة الظّاهرة في المعنى المجازي ، ونحو ذلك.
وأمّا الظنّ الحاصل بعد ملاحظة المعارض والعلاج والسّوانح التي حصلت في الشّريعة ، فهو ظنّ حاصل للمجتهد بنفس الأمر بعد ملاحظة الأدلّة وجمعها وجرحها وتعديلها ، لا ظنّ حاصل من الكتاب.
والحاصل ، أنّ الظنّ الحاصل من الدّليل إمّا يلاحظ في بادئ النّظر ويعتبر ما حصل منه لو خلّي وطبعه ، وإمّا يلاحظ ما يستقرّ على ظنيّته بعد ملاحظة المعارض ودفع الموانع ورفع القرائن الدالّة على خلافه.