قانون
المشهور عدم جواز التّقليد في أصول الدّين ، وقيل بجواز التقليد.
وهذه المسألة من المشكلات ، فلنقدّم ما عندنا في المسألة وبلغة مجهودنا ، ليكون ذلك معينا على بيان الأدلّة وتوضيح مطالب القوم ، ويظهر به محلّ النّزاع في المسألة ، ثمّ نتعرّض للأقوال والأدلّة مفصّلا ، ونتكلّم فيها ، فنقول : قولنا : يجوز التقليد في الأصول ، إن كان معناه يجوز الأخذ بقول الغير في الأصول كما هو كذلك في الفروع ، فيشكل بأنّ الأخذ بقول الغير هنا لا يمكن ، إذ المعيار في الأصول هو الإذعان والاعتقاد ، وجواز الإذعان بقول الغير وعدمه ممّا لا محصّل له ، إذ حصول الظنّ واليقين من قول شخص ليس من الأمور الاختياريّة حتّى يصير موردا للتكليف ، وإنّما يصحّ الأخذ بقول الغير في الفروع ، لأنّ المراد به العمل على مقتضاه لا الاعتقاد به في نفس الأمر ، فلا بدّ أن يتكلّف هنا ويراد بالأخذ بقول الغير هو العمل على مقتضاه ، مثل إنّ من يقلّد المجتهد الذي يقول بنبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم معنى تقليده أن يعمل على شريعته ويتّبع سننه وإن لم يحصل له إذعان بحقيّته بالخصوص قطعا أو ظنّا ، وإن كان قد يحصل له الظنّ الإجمالي الذي بسببه يعتمد على هذا المجتهد.
وبهذا يظهر لك الفرق بين هاتين (١) المسألتين المتداولتين هنا إحداهما جواز التّقليد في الأصول ، وعدمه.
والثانية : جواز الاكتفاء بالظنّ وعدمه ، إذ قد لا يحصل بالنّظر إلّا الظنّ ، فالظنّ
__________________
(١) في نسخة الأصل (هذين).