نعم ، لو فصّل أحد وقال بذلك في وجود الصّانع مثلا في الجملة ، أو ذلك مع وحدته ، أو ذلك مع أصل النبوّة ، أو ذلك مع أصل المعاد ، لم يكن بعيدا ، إذ الظّاهر أنّ أدلّة المذكورات ممّا يمكن فيه دعوى لزوم إصابة الحقّ النّفس الأمريّ ، أمّا مثل تجرّده تعالى ، وعينيّة الصّفات ، وحدوث العالم ، ونفي العقول ، وكيفيّات المعاد ، وغير ذلك فلا. اللهمّ إلّا ما ثبت من هذه المذكورات بالنصّ من الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم بعد ثبوتهما ، وفي ثبوت الضّروريّات أيضا اختلافات ، وكذلك في مقدار ما ثبت منها وكميّتها وكيفيّتها ، كما سنشير إليها ، وكذلك تعيين النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والوصيّ بعده لا دليل على ذلك فيهما أيضا ، إذ فائدة وجوب النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم والإمام عليهالسلام وهو إرشاد الخلق وإطاعتهما لأنّهما يبلّغان من الله تعالى ، فمتابعتهما حقيقة متابعة أمر الله تعالى ، فإذا جاز أن يكتفى فيما بلّغاه بالمظنّة الحاصلة بالاجتهاد بعد عروض الحوادث وطروّ الموانع عن تحصيل الجزم بها ، فلما لا يجوز أن يكتفى في أصل التّعيين إذا حصل الاشتباه بسبب حصول الموانع.
ولا يذهب عليك أنّ ما ذكرته لا ينافي إفادة أدلّة نبوّة نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم اليقين لنا ، وكذا أدلّة إمامة الأئمة عليهمالسلام.
والحاصل ، انّي أقول : لا يجب إفادة اليقين مطلقا لكلّ أحد وكلّ زمان ، ألا ترى أنّه لا يجب إفادة أدلّة الفروع اليقين مع أنّها قد تفيد اليقين في بعض الموارد أيضا.
والقول : بأنّ ما حصل فيه اليقين خارج عن الفروع ، شطط من الكلام ، وقد بيّناه في أوائل الكتاب.
وكما أنّ الأصل في أصول الدّين واحد ، فكذلك الأصل في الفروع ، فإذا جاز اشتباه الحكم الفرعيّ بسبب الحوادث التي وقعت في صدر الإسلام وصارت سببا