لخفاء الحقّ وأهله ، فلم لا يجوز حصول الاشتباه في الأصول بسبب اختلاف أدلّته مثل حال النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم أو الإمام عليهالسلام ، بل أقول : إنّ النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مبعوث لإرشاد الخلق وإبلاغ الحكم الذي هو واحد في نفس الأمر الى عباده.
ومقصوده تعالى أن يعيد بالحكم الخاصّ والطريق الخاصّ ، فإذا لم يقصّر النّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في الإبلاغ وتكلّم مع قومه بلسانهم في ذلك لكن اتّفق أنّ المخاطب اشتبه في فهم الخطاب وأتى بضدّ الصّواب ، فلما لا تقول : إنّ هذا المخاطب مخطئ آثم لأنّ الله تعالى أراد منه شيئا آخر ونصب علما ودليلا له ، فهو مقصّر وليس بمعذور ، فإذا كان غفلة المخاطب واشتباهه في فهم ما شافهه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بالخطاب بلسانه معذورا ، فلما لا يكون زلّته في فهم أدلّة الإمامة أو النّبوّة مع عدم التّقصير معذورا.
والقول : بأنّ جعل الخطاب مناطا للفروع مع قابليّته لوجوه الدّلالة وتفاوت أفهام المخاطبين بسببه دليل على رضاه تعالى بما يظنّه المخاطب من الخطاب ولا يوجب عليه إصابة الحقّ الحقيقيّ ، بخلاف ما جعل مناطه العقل الغير القابل لذلك ؛ جزاف من القول ، إذ اختلاف العقول في مراتب الإدراك وتفاوتها في المدارك بحيث لا يمكن إنكاره ، ومن ينكره فهو مكابر مقتضى عقله.
فالذي هو حجّة الله على عباده هو العقل والتّفكّر والتدبّر مع التّخلية والإنصاف وترك العناد بقدر الوسع والطّاقة والاستعداد.
والكلام في أنّ المتخالفين في المسألة كلّ منهما يدّعي التّخلية والإنصاف أيضا ، هو الكلام فيما نحن فيه ، إذ كلّ منهما في إدراك التّخلية والإنصاف وإنّ نظره