أمّا النجاسة فلأنّه أمر تعبّديّ ولا ريب أنّ الكلب والخنزير أبعد عن التّقصير من الكفّار ، ومع ذلك فيحكم بنجاستهما ، وكذلك أطفال الكفّار قبل التّمييز ، فهذا حكم وضعيّ تعبّديّ.
لا يقال : إنّ الحكم بالنّجاسة إيلام لهم بلا وجه وإن كان في دار الدّنيا ، وهو أيضا ظلم ، لأنّ الحاكم بنجاستهم هم المسلمون ، وهم لا يعتقدون أنّ ذلك من الله تعالى ، بل لا يعتنون بقول المسلمين أصلا.
كما إنّا لا نقول : حكم النّواصب بحليّة دمائنا وأعراضنا يوجب الظّلم من الله تعالى.
وأمّا كون جاهل هذه العقيدة مهينا عند الله تعالى فهو من توابع هذه الاستعداد [الاستعدادات] كنجاسة الكلب ، وهي راجعة الى أسرار القدر المنهيّة عن الخوض فيها.
وكذلك جواز أسرهم وبيعهم وشرائهم ، فإنّه ليس حالهم فوق حال العبد والإماء المؤمنين المتولّدين على الفطرة ، النّاسكين السّالكين على نهاية طريقة الورع والتّقوى.
وأمّا جهادهم وقتالهم ، وأمّا من تفطّن منهم وحصل له الشّك وقصّر في النّظر ، فلا إشكال فيه. وأمّا من لم يتفطّن لذلك ، بل حسب أنّ الحقّ معه والباطل مع المسلمين ، ولم يتفطّن لوجوب النّظر أصلا ؛ فهو ليس بأعلى شأنا من المسلمين إذا تترّس بهم الكفّار ولم يمكن دفاع الكفّار عن بيضة الإسلام إلّا بقتلهم ، فحينئذ فالفرق بين مقلّدة المسلمين ومقلّدة الكفّار إنّما هو في غير الإثم والعذاب.
وبالجملة ، قاعدة العدل تمنعنا عن الإقدام في الفرق فيما لا فرق بينهم أصلا.
وأمّا الآيات والأخبار الدالّة على خلود الكفّار في النّار ، فلا يتبادر منها أمثال