هؤلاء ، بل الظّاهر من الكافر هو من كفر وستر الحقّ بعد ظهوره ، وهذا أمر وجوديّ لا يمكن حصوله إلّا مع التّنبيه والتّقصير ، ولعلّ تعريف أكثر المتكلّمين بأنّه عدم الإيمان ممّن شأنه الإيمان ، أريد به عدم الملكة بالنسبة الى المرتبة الأدنى من كليّاتها.
فالمراد ممّن شأنه الإيمان هو الذي تمّت (١) عليه الحجّة وقصّر ، فهو مثل إطلاق الأعمى على الإنسان لا على العقرب ، أو يجعل تعريفا للكافر الذي يجري عليه الأحكام الفقهيّة لا من يعذّب ويخلّد في النّار في الآخرة ، فإنّ ذلك يكفي في الأوّل دون الثّاني.
فغاية الأمر أنّهم ممّا لم يسلموا ولم يؤمنوا ، وأمّا أنّهم ممّن كفروا ، فيشكل انفهامهم عن الآيات والأخبار.
وتفصيل الكلام في هذا المقام ، أنّ الإنسان إمّا أن يتفطّن لوجوب معرفة الأصول في الجملة أم لا.
الثّاني ، يلحق بالبهائم كالمجانين ، لا يتعلّق بهم تكليف.
وأمّا الأوّل ، فهو إمّا في حال خلوّ النّفس عن كلّ خيال ودين ومذهب ، مثل أن يكون إنسان في بلاد خالية عن مسلم أو عارف ، أو يداخله ملاحظة حال غيره المتديّن بدين أو مذهب مثل أبيه وأمّه وأستاذه ، وعلى أيّ التّقديرين ، فإمّا يأخذ طريقته بمعونة عقله ويطمئنّ بها ، أو يحصل له ظنّ بطريقته ، أو يبقى متردّدا ومتحيّرا.
وعلى الأوّل ، فيسقط عنه التّكليف بشيء آخر لغفلته عن وجوب شيء آخر
__________________
(١) في نسخة الأصل (تم).