يكون إلّا ما أخرجه الدّليل ، إذ جلّ هذه الظّنون لم يقم عليها دليل إلّا كونه ظنّ المجتهد.
فإن قلت : نعم ، ولكنّ ظنّه إذا تعلّق بكيفية الاستخراج من الآية مثلا فحجّيته إجماعيّة ، لا إذا تعلّق بغيره.
أقول : لا أفهم معنى هذا الكلام ، فإنّ اختلاف العلماء في أنّ العام المخصّص حجّة في الباقي أم لا مثلا ، يعمّ الكتاب والسنّة المتواترة وأخبار الآحاد وغيرها كلّها ، والمسألة اجتهاديّة ، فإجراء العامّ من الكتاب على ظاهره بمعونة أنّ العامّ المخصّص حجّة في الباقي ، وأنّ أدلّة الخصم باطلة في تلك المسألة الأصوليّة مسألة ظنيّة.
ودعوى الإجماع على أنّ إعمال هذه المسألة الأصولية في خصوص الكتاب جائز دون غيره ؛ شطط من الكلام (١) ، ويلزمه في العكس أن لو قال أحد بعدم الحجّية في عامّ الكتاب لأداء ظنّه الى أنّ العامّ المخصّص ليس بحجّة في الباقي إن يكون إجماعيّا ، ولكن من حيث إنّه متعلّق بالكتاب.
وأيضا نقول في مثل قوله تعالى : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ)(٢) أنّه ظاهر في العموم ، ومقتضاه عدم نشر الزّنا سابقا الحرمة ، كما ذهب إليه جماعة من محقّقي
__________________
(١) وهذا الظّن إن لم يندرج في معقد الاجماع على حجية ظواهر الكتاب لو لا الظّنون الحاصلة منه لم يلزم شطط في الكلام كما يظهر بالتأمّل ، كما يظهر به أيضا عدم الملازمة في العكس لأنّ معنى عدم الحجّية انّه لا يحصل منه الظنّ في تمام الباقي فيكون مجملا فلا ظن على هذا القول من جهة يكون متعلّقا بكيفية الاستخراج من الكتاب ليكون اجماعيا. هذا كما في حاشية السيد على القزويني.
(٢) النساء : ٢٤.