الأصحاب ، وذهب جمهور الأصحاب الى الحرمة ، والأخبار المستفيضة في كلّ من الطّرفين موجودة ، ولا ريب أنّ ترجيح عموم الآية وإبقاءه على ظاهره وإدّعاء الظنّ به يتوقّف على ترجيح أخبار الحلّ على أخبار الحرمة ، إذ بعد تسليم جواز تخصيص الكتاب بخبر الواحد ، لا مجال لمنع الأخبار رأسا ، فلا بدّ من الرّجوع الى المرجّحات بين الأخبار ، ولا ريب أنّه لا إجماع على كيفيّة ترجيح الأخبار لاختلاف العلماء في وجوه التّراجيح ، واختلاف الأخبار في بيان علاجها بحيث لا يمكن علاجها كما سيجيء في الخاتمة ، ولا مناص في الجمع بين الأخبار إلّا بالرّجوع الى المرجّحات الاجتهاديّة ، مع أنّ قبول كلّ واحد من الأخبار وردّها من حيث السّند والمتن ، وثبوت العدالة وكيفيّتها والكاشف عنها والمثبت لها ، وعدد المزكّي وغير ذلك ، لا يكون في الأكثر إلّا بالظنّ الاجتهاديّ ، ولا قطع في شيء منها كما لا يخفى على المتأمّل المنصف المتدبّر.
ودعوى الإجماع على حجّية كلّ ما يتعلّق بالأخبار بعنوان العموم أو إدّعاء الحدس وحصول القطع برضا الشّارع بذلك العموم بالخصوصيّة والنّصوصيّة لا لأنّه من جزئيّات لزوم تكليف ما لا يطاق لو لم يعمل بها عهدته على مدّعيه ، وبيننا وبين هذه الدّعوى بون بعيد.
وأمّا جعله من جزئيّات لزوم تكليف ما لا يطاق ، فلا نمنعه ولا يجدي للمستدلّ ، بل هو مذهبنا وطريقتنا.
فظهر ممّا قرّرنا لك الفرق بين الظنّ الحاصل من الكتاب من حيث هو ، والظنّ الحاصل بعد بذل الجهد في المعارض ودفعه.