المشترك بين الظنّ والجزم ، فكيف يكلّف به سيّما لقاطبة المكلّفين.
وهذا ممّا لا يخفى على من تأمّل حقّ التأمّل في كثير من المسائل ، وخلّى نفسه عن التّقليد ، مع أنّه يستلزم العسر والحرج المنفيّين شرعا مع أنّ الأصل عدم الوجوب ، وما قد يستدلّ به على الوجوب فدلالتها على العموم ممنوعة.
والحاصل ، أنّا نمنع ثبوت التّكلّف بالعلم مطلقا وفي جميع الأحوال وفيما يستلزم تحصيله العسر والحرج ، إذ غاية ما ثبت دلالة الأدلّة فيما يمكن فيها تحصيل العلم أيضا إنّما هو إذا لم يستلزم العسر والحرج ، نظير ما ذكرناه في الاكتفاء بالظّنّ في الفروع ، وبذلك يندفع القول : بأنّ اشتغال الذّمّة بالقدر المشترك يقينيّ ، ولا يثبت البراءة إلّا بتحصيل اليقين ، فإنّا نمنع اشتغال الذّمّة في هذه الموارد.
وأمّا ثانيا : فنقول : إنّ الظّاهر من كلام جماعة من الأعلام كفاية الظّنّ وهو المستفاد من كلام المحقّق الطوسي رحمهالله في بعض الرّسائل المنسوبة إليه ، ونقل عن «فصوله» أيضا (١) ، وكذلك المولى الورع المقدّس الأردبيلي قدّس الله روحهما ، وهو الظّاهر من شيخنا المحقّق البهائي رحمهالله (٢) حيث قال : اشتراط القطع في أصول الدّين مشكل ، وغيرهم (٣).
وممّن صرّح بكفاية الظنّ العلّامة المجلسي رحمهالله وغيره ، مع أنّ العلّامة قال في «النّهاية» : إنّ الأخباريّين من الإماميّة كان عملهم في أصول الدّين وفروعه على
__________________
(١) «راجع البحار» ٦٦ / ١٣١
(٢) «الزبدة» ١٦٨
(٣) راجع «البحار» ٦٦ / ١٣٣