وإن قلنا : إنّ مراده الإسلام والإيمان الواقعيّ ، فلا دليل على أنّ كلّ من لم يكن له الإيمان الواقعيّ على ما ذكره فهو مستحقّ للعقاب الدّائم.
فحاصل الجواب عن هذا الاستدلال ، المنع عن وجوب تحصيل العلم بمعنى الاعتقاد الجازم الثّابت المطابق للواقع ، بل يكفي الظنّ.
سلّمنا ، لكنه يكفي الجزم.
ثمّ إن أراد من منع حصوله من التّقليد ، منع حصوله من التّقليد المصطلح في الفروع الذي أشرنا إليه آنفا ، فهو كما ذكره.
وإن أراد أنّه لا يحصل من الرّكون الى عارف ، فهو ممنوع ، كما أشرنا وسنشير إليه ، وإذا اكتفينا بهذا الجزم ، فلا يلزم اجتماع النّقيضين ، إذ لا يشترط في ذلك الجزم مطابقة للواقع ، ولا يشترط فيه صدق المخبر أيضا لعين ما ذكر ، ولا يضرّه الخروج عن التّقليد المصطلح.
فإن شئت قلت : إنّه اجتهاد ، وإن شئت قلت : إنّه واسطة بين الاجتهاد والتّقليد المصطلح.
الرّابع : الأخبار الدالّة على أنّ الإيمان هو ما استقرّ في القلب ، مثل ما قاله الصادق عليه الصلاة والسلام في جواب محمد بن مسلم (١) حيث سأله عن الإيمان : «إنّه شهادة أن لا إله إلّا الله والإقرار بما جاء من عند الله ، وما استقرّ في القلوب من التّصديق بذلك». ولا استقرار إلّا لما حصل فيه اليقين ، ولا يحصل إلّا بالاستدلال.
__________________
(١) «الكافي» ٢ / باب ١٨ ح ٣.