وذهب المحقّق الطوسيّ رحمهالله في «التّجريد» (١) الى أنّه الاعتقاد بالجنان والإقرار باللّسان ، وهو مقتضى إطلاق أكثر الإماميّة.
وقد وردت الأخبار بمقتضى أكثر هذه الأقوال ، فأعلى ما اقتضاه إطلاق الأخبار هو الإذعان بالعقائد الحقّة مع اليقين الكامل ، مع الاتيان بالواجبات والمستحبّات ، وترك جميع المحرّمات والمكروهات ، والتّحلّي بالأخلاق الكريمة والتّخلّي عن الأخلاق الذّميمة ، وهذا هو المخصوص بالمعصومين عليهمالسلام ، وأدنى ما اقتضاه هو التّلفّظ بالشّهادتين مع عدم ظهور ما يوجب الكفر عنه ، وإن لم يكن في القلب مذعنا بهما أيضا ، ويدخل فيه المنافقون.
وعلى هذا ، فالإيمان إمّا مشترك بين هذه المعاني أو حقيقة في بعضها ومجاز في الآخر ، ولكلّ منها ثمرة ، مثل أنّ ثمرة الأولى حصول جميع ثمرات سائر المعاني مع زيادة حصول درجة كمال القرب والاستحقاق للشفاعة الكبرى ، وصيرورته موردا للوحي والإلهام.
وثمرة الأخيرة إنّما هو حقن الدّم وحلّية النكاح واستحقاق الميراث والطّهارة ، وأمثال ذلك ، ولكن لا حظّ لهم في الآخرة.
والحدّ الوسط بينهما إمّا ممّن يلحق بالمقرّبين ويحشر مع الصّدّيقين مع زيادة الثّواب والأجر.
وإمّا ممّن يكفّر صغائره باجتناب الكبائر ، إذ اجتنبت الكبائر فيصير مغفورا مرحوما. وإمّا ممّن يعذّب بمعاصيه في البرزخ والقيامة الكبرى ثمّ يخرج من النّار ، أو يعذّب في البرزخ فقط ، فلا يدخل نار جهنّم على القولين فيه للمتكلّمين ،
__________________
(١) في المقصد السّادس ـ المعاد مبحث الايمان والكفر.