والأوساط فرق ثلاثة.
الأولى : من يعتقد العقائد الحقّة ، ويفعل كلّ الواجبات ويترك كلّ المحرّمات.
والثّانية : من يعتقد بالعقائد الحقّة ويترك الكبائر ، ويأتي بالفرائض التي تركها كبيرة.
والثّالثة : من يعتقد بالعقائد الحقّة من دون عمل ، وهذا هو إطلاق أكثر الإماميّة ، وكيف كان ، ففي مقابل كلّ إيمان كفر ، فالذي يثمر في الحكم بوجوب الإهانة والإذلال والنّجاسة وعدم حلّ المناكح والمواريث ، هو نفي الإيمان بمعنى عدم التّلفّظ بالشّهادتين أيضا. والكفر الذي يوجب العذاب وإن تعقّبه النّجاة ، هو نفي الإيمان بالمعنى الذي فوق هذا ، وهكذا.
وأمّا الإسلام ، فقيل : إنّه الإقرار بالشّهادتين مع الإذعان بهما مع عدم إنكار الضّروريّ من الدّين ، وقيل : إنّه إظهار الكلمتين وإن لم يعتقد بهما.
والحق ، أنّه يطلق على كلّ ما يطلق عليه الإيمان أيضا.
وأمّا لو ذكر مع الإيمان وفي مقابله ، فيراد به أحد المعنيين.
إذا تمهّد هذا فنقول : إن أراد المستدلّ بقوله : إنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يكتفي من الكفّار بكلمتي الشّهادة ويحكم بإسلامهم ، الّذين كانوا ينظرون الى معجزاته وصفاته وأخلاقه الحسنة وسجيّاته المستحسنة ويتكلّمون بالكلمتين ، فهو ليس إلّا المعرفة بالنّظر والدّليل ، إذ لا نريد بالدّليل إلّا ما يوجب الاطمئنان كما سنشير إليه.
وإن أراد غير ذلك ، فعلى فرض تسليمه ، نقول : إن أردت من الاكتفاء بالكلمتين في الحكم بالإسلام ، الإسلام بمعنى الإيمان الذي لا يتحقّق إلّا مع الإذعان بالعقائد الحقّة والاطمئنان به ، فلا نسلّم أنّه كان يكتفي في ذلك بذلك.
وإن أردت ما هو أعمّ من ذلك ليدخل مطلق المقرّ بالشّهادتين ليترتّب عليه