الأحكام الظّاهرية فلا يضرّنا ولا ينفعك ، إذ من العيان المغني عن البيان أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم كان طريقته في بدو الإسلام المسامحة والمماشاة مع الأجلاف والأغبياء واستمالتهم على التّدريج ليستقوي شوكة الإسلام بالاجتماع والكثرة ، ولا ريب أنّ أكثرهم كانوا منافقين ، ومع ذلك كان يعامل معهم معاملة المسلمين ، ويناكح معهم ويوارثهم ، ويباشرهم مع الرّطوبة الى غير ذلك ، فهو صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يرى من حال بعضهم أن يكتفي بمجرّد إظهار الإسلام ليكون وسيلة الى حصول شوكة الإسلام ثمّ يكلّمه بالتّدريج إن أمكن ، ويتركه على نفاقه مع عدم إمكانه ، فإذا احتمل اكتفاؤه لإرادة هذا المعنى ، بل ظهوره أو تساويه مع إرادة الإسلام الواقعيّ فيبطل الاستدلال.
الثّالث : قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «عليكم بدين العجائز».
ولا ريب أنّ دينهنّ بطريق التّقليد لعدم اقتدارهنّ على النّظر ، ولفظة (على) تدلّ على الوجوب ، فيحرم النّظر.
وفيه : منع صحّة الرّواية عنه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، بل قد قيل : إنّه من كلام سفيان (١) ، والمذكور في الألسنة والمستفاد من كلام المحقّق البهائيّ رحمهالله في «حاشية الزبدة» أنّ هذا هو حكاية دولابها وكفّ اليد عن تحريكها لإظهار اعتقادها بوجود الصّانع المحرّك للأفلاك المدبّر للعالم.
والذي ذكره القوشجي في «شرح التّجريد» وتبعه الفاضل الجواد رحمهالله هو ما روي أنّ عمرو بن عبيدة لما أثبت منزلة بين الكفر والإيمان ، فقالت عجوزة : قال
__________________
(١) في «الزبدة» ص ١٦٧ : ودين العجائز من كلام سفيان أي ليس حديثا.