القاطع عدم صدور القبح عنه تعالى وأنّه لا يظلم عباده شيئا ، فإن سلّم بقاء حيرة لنا في وجه حكمة خلقه ، فهو لا يوجب التأمّل في أنّه لا يصدر عنه الظّلم ، وقد يكون التأمّل في الصّغرى ، وهو لا يوجب قدحا في الكبرى وذلك كما ورد في الحديث : «إنّ موسى عليهالسلام قال : إلهي أرني عدلك ، فأمره أن يختفي في جنب عين على طريق ، ففعل ، فجاء فارس فاستراح ساعة وراح ونسي هميانا فيه ألف دينار ، ثمّ جاء صبيّ وأخذه وذهب ، ثمّ جاء أعمى فإذا الفارس قد عاد وأخذ الأعمى بالهميان وسلّ سيفه جزّ رأسه.
فقال موسى عليهالسلام : إلهي ضاق صدري وأنت عادل.
فقال : يا موسى قد كان الأعمى قتل أبا الفارس ، وكان لأب الصبيّ ألف دينار عند الفارس من أجر خدمته إيّاه ، فقد استوفى كلّ حقّه».
وكذلك حكاية صحبة موسى مع الخضر على نبيّنا وآله وعليهماالسلام وحيرته في فعله في المقامات الثّلاثة ، فإذا عجز نبيّ عن إدراك حكمة عبد ، فكيف بالعبد عن إدراك حكمة الله الحكيم العليم.
وبالجملة ، لا دلالة في النّهي عن الخوض والبحث في مسألة القدر على وجوب التّقليد في أصول الدّين وعدم جواز النّظر فيها.
الخامس : أنّه بدعة في الدّين ، إذ لم ينقل عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه الاشتغال ، إذ لو اشتغلوه لنقل إلينا لتوفّر الدّواعي وقضاء العادة كما نقل اشتغالهم بالمسائل الفقهية على اختلاف أصنافها ، وكلّ بدعة مردودة.
وفيه : منع عدم نقله أوّلا ، بل هو من اليقينيّات ، والقرآن الكريم مملوّ من المناظرات مع الكفّار ممّا وقع من الأنبياء السّالفين ، وأمر نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال تعالى :