الظّنون.
فإن قلت : النّزاع في حجّية العامّ المخصّص في الحقيقة ، راجع الى النّزاع في حصول الظنّ منه في الباقي وعدمه كما يظهر من أدلّتهم المذكورة من الطّرفين ، لا إلى الحجّية وعدمها مع حصول الظنّ أيضا ، فالمنكر يقول : إنّه لا يحصل الظنّ منه بدلالته على الباقي ، ولو فرض حصول الظنّ فهو حجّة باتّفاق منّي.
قلت : المنكر يقول : إنّه لا يمكن حصول الظنّ منه ، ولو فرض حصول الظنّ منه في نفس الأمر لكان حجّة ، لا أنّه لا يحصل منه لي ظنّ ، ولو فرض حصوله لخصمي فهو حجّة عليه حتّى يصير بذلك إجماعا ، فهو في الحقيقة يغلّظ [يغلّط] مدّعي حصول الظنّ ويقول : أنت قصّرت في الاجتهاد حيث ادّعيت الظنّ فيما لا يمكن حصول الظنّ فيه.
والحاصل ، أنّ القدر المسلّم من الإجماع الفرضيّ الذي يمكن أن يدّعى في هذا المقام هو أن يقول المنكر للحجّية : إنّ العامّ المخصّص لا يحصل منه الظنّ في نفس الأمر ولو حصل منه ظنّ في نفس الأمر فهو حجّة ، وليس ، فليس.
ولا يظهر من هذا الكلام أنّه يسلّم حجّية الظنّ الحاصل لمدّعيه بسبب اجتهاده وتمسّكه بالأدلّة التي هي بمرأى من المنكر ومسمع منه ، فتأمّل في ذلك ، فإنّ فيه دقّة ما.
وإن سلّمنا منك دعوى هذا الإجماع ، أعني الإجماع من الخصم على حجّية الظنّ إذا حصل لخصمه عليه دون غيره ، فإنّما نسلّمه من جهة أنّه ظنّ المجتهد ، وكلّ ظنّ المجتهد حجّة عليه وإن لم يحصل للآخر الظنّ على وفقه.
وأين هذا من إثبات الإجماع على حجّية ظنّه الحاصل من جهة العامّ المخصوص من الكتاب من حيث هو.