يطمئنّ بقوله إذا لم يستطع فوق ذلك ، وهكذا نفس مراتب المكلّفين ومراتب التّنبيهات.
ويختلف التّكليف بالنّسبة الى اختلاف طبقاتهم ، وبذلك يختلف تكليفهم في نفس العقائد أيضا ، وهذا هو واحد من النّكات التي كان يكتفي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن الأعراب بالشّهادتين لأجلها ، فإنّ التّكليف بمعرفة التّوحيد الكامل والتّنزيه الشّامل وإتقان معنى التّجرّد وعينيّة الصّفات ، وعدم كونه تعالى في جهة ولا مكان ولا في الأرض ولا في السّماء ، وأنّه لا يرى ولا يعرضه الرّضا والسّخط المفهومان للعامّة ونحو ذلك في أوّل التّكليف لكلّ واحد ممّا يصحّ ، ولا يمكن في الأغلب.
فكما أنّ أجزاء الإيمان أيضا ممّا ينبغي في الأكثر أن يحصل تدريجا ، فكذلك الحال في كيفيّة حصولها بالأدلّة التّفصيليّة أو الإجماليّة ولو بمجرّد الاعتماد على معتمد ، وسيجيء تمام الكلام.
السّادس : أنّ الشّبهات في الأصول كثيرة ، والنّظر مظنّة الوقوع في الشّبهة وهو مستلزم للضلالة ، فيحرم النّظر ويتعيّن التّقليد ، إذ هو أسلم.
وفيه : مع أنّه وارد على التّقليد ، فإنّ مجتهد ذلك المقلّد أيضا يحرم عليه النّظر ، فيجب تقليد غيره ، فيتسلسل أو ينتهي الى ناظر ، فيعود المحذور ، مع أنّه يزيد عليه احتمال كذب المجتهد في أنّ هذا رأيه ، أنّ هذا يجري في كلّ صاحب دين ومذهب ، وتخصيصه بدين الإسلام موقوف على ثبوته. فنقول : ثبوته هل يحصل بالاجتهاد أو بالتقليد؟ فيعود الإشكال.
والظّاهر أنّ مبنى هذا الدّليل هو ما أشرنا سابقا من أنّ هذا كلام مسلّم بين مجتهدي أهل الإسلام يلقونه الى القاصرين من باب الأمر بالمعروف وهم يطمئنّون بذلك ويصير تكليفهم ذلك ، وذلك لجزمهم بأنّ عدم النّظر لا يضرّهم ،