الى غيره ، وليس هذا تقليدا.
التّاسع : قوله تعالى : (فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)(١).
وفيه : أوّلا : أنّها مختصّة بحكاية الأنبياء عليهمالسلام كما يدلّ عليه صدر الآية.
وثانيا : أنّ منع الغافل المتمكّن عن المعرفة ليس عن أهل العلم.
وثالثا : أنّ ظاهر الآية خطاب للمكلّفين كافّة ، فمعناها : أيّها الّذين لا تعلمون اسألوا عن الذين يعلمون. فإذا أردنا شمول الآية للأصول والفروع ، فيشمل أهل جميع المذاهب ، ولا ريب أنّ أهل العلم وغير أهل العلم من اليهود هم الّذين هم يعرفون ويميّزون كما هو مقتضى متفاهم الآية عرفا.
وإن قيل : المراد أنّ غير العلماء من كافّة النّاس يجب أن يسأل أهل العلم الخاصّ وهو المحقّ الواقعيّ ، فهذا يوجب تخصيصا في أهل الذّكر لا يفهم المخاطبون ، مع أنّ المفروض أنّ الأمر في تحصيل المجتهد والعالم وأهل الذّكر لا بدّ أن يكون موكولا الى أنفسهم ، ولا معنى للتقليد فيه أيضا على سبيل الاعتماد على العالم في قوله هذا ، فيكون نوعا من الاجتهاد ، فيكون ذلك رخصة لرجوع اليهود الى علمائهم.
وهذا الاستدلال إنّما ينفع لمن يحرم النّظر ، وإلّا فالأمر ظاهر في الوجوب العينيّ وإخراجه عن الظّاهر ، وإرادة الرّخصة ليس بأولى من تخصيص المعلوم بالفروع ، مع أنّ التّخصيص مقدّم على المجاز.
ورابعا : أنّه ظاهر ظنّي لا يقاوم ما ذكرنا من الأدلّة على وجوب النّظر.
ثمّ إنّ هذا الاستدلال أيضا إنّما ينفع المناظرين المجتهدين من أهل الإسلام في
__________________
(١) النّحل : ٤٣.