ذاتهما أثريّتهما ، وبذلك ظهر أيضا أنّ كثيرا من آثار الممكنات نظريّ الأثريّة ، أستفيد من الاستقراء والتّتبّع المحتاج الى النّظر.
وثانيا : نقول : إنّ البقّ والذّباب والحشرات (١) الصّغار والدّيدان القليلة الأعمار المسبوقة بالعدم الملحوقة به ممكن وأثر بالبديهة ، ودلالتها على أنّها أثر ظاهر ، وكذلك إنّها تحتاج الى مؤثّر وإذا ألحق به عدم رؤية صدور مثلها عن ممكن يحكم بأنّ مؤثّرها غير الممكن.
وحاصل استدلال الأعرابيّ : أنّ الآثار التي يعلم أنّها من سنخ آثار الممكنات إذا كان لا يمكن حصولها في الخارج بدون مؤثّر كالبعرة وأثر الأقدام وحركة دولاب العجوز ، فكذلك الآثار التي يعلم أنّها ليست بحسب قدرة الممكنات كخلق الحيوانات والنّباتات وقاطبة الأجسام.
وليس مراد الأعرابيّ والعجوز الاستدلال بالبعرة على نفس البعير من حيث إنّه بعير أو بسكون الدّولاب بعد تحريك العجوز أنّ التّحريك من العجوز ، بل هي أولى بالدّلالة ، إذ تحقّقت الأمور الممكنة الغريبة العميقة الغور في الخارج بلا مؤثّر كالسّماء والأرض أغرب من تحقّق الأمور الماهيّة كالبعرة وأثر الأقدام ، لاستلزام الأوّل للترجيح بلا مرجّح أكثر من الثّاني ، إذ كلّ دقيقة منها يحتاج الى تأثير ومؤثّر ، فتحقّق التّأثيرات الكثيرة أغرب حصولا في الخارج من حصول تأثير قليل.
وثالثا : لم يقل أحد أنّ المصنوع بذاته يدلّ على الصّانع ، بل باعتبار ما تضمّنه من المقدّمات كما أشرنا.
__________________
(١) في نسخة الأصل (والحشار).