الظنّ ، وهو يدير الكلام السّابق أيضا.
والحاصل ، أنّ الإجماع المدّعى في هذا المقام على حجّية ظواهر الكتاب إن كان هو الإجماع المنقول أو الاستنباطيّ ، فيدخلان في عموم آيات التحريم ، ولا دليل على حجّيتهما سوى كونهما ظنّ المجتهد ، وإن كان هو الإجماع المحقّق ، فإن كان على الجملة فهو لا يجدي نفعا ، وإن كان على كلّ الظّواهر ، فمع ما يرد عليه ما سبق ممّا فضّلناه [فضلنا] فيه أنّه مستلزم لحجّية الظنّ الحاصل من قوله تعالى : (وَلا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ)(١) ، وأمثاله من الظّواهر والظّنون الحاصلة بأنّ العمل على ظنّ الكتاب لا يجوز ، فإنّها عامّة تشتمل ذلك أيضا.
فالإجماع على حجّية الظّواهر حتّى الظّاهر الدالّ على حرمة العمل بالظنّ عموما ، يثبت عدم حجّية الظنّ الحاصل من القرآن ، وما يثبت وجوده وعدمه ، فهو محال.
فإن قلت : إنّه مخصّص بالإجماع المتقدّم.
قلت : لو سلّمنا صحّة هذا التخصيص ، يرد عليه أنّ ذلك مستلزم لتخصيص ذلك الإجماع ، ومن ذلك يلزم كون الإجماع ظنّيا ، لأنّ التخصيص لا يكون إلّا في العامّ.
فإن قلت : وإن كان ظنّيا في الجملة ، لكنّه قطعيّ في الجملة أيضا.
قلت : سلّمنا ذلك ، لكن يكفي في تحقّق المقدار القطعيّ بقاء فرد واحد بعد التخصيص ، فإن كان ذلك هو ظنّ غير آيات التحريم ، فلا ينفعك فيما رمته من الاستدلال ، وإن كان هو الظنّ المستفاد من الآيات الدالّة على حرمة العمل بالظنّ
__________________
(١) الإسراء : ٣٦.