المسائل الاجتهادية ، ولذلك اختلف العلماء في الضّروريّات ، فربّما يدّعي أحدهم كون شيء ضروريّا بعنوان القطع ، وآخر يحكم بعدمه ، وربّما يحكم بكون خلافه ضروريّا ، وربّما يقول بعضهم : الأظهر انّ هذا ضروريّ ، كتحريم تقبيل النّساء الأجانب ، والغلمان مع الشّهوة ، وتحريم الجمع بين الأختين ، وكون الرّيح ناقضا للوضوء ، أو يقول : إنّه ضروريّ على احتمال ، مثل حرمة منفعة القرض ، ورجحان مطلق صلة الرّحم ، ورجحان السّلام وجوابه.
فالحكم بكون شيء ضروريّا ، من المسائل الاجتهادية ، فيجب على من يحكم بكفر أحد من جهة إنكار الضّروريّ أن يعلم من حال المنكر أنّه عالم بأنّه من الله تعالى ومن الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم وينكره.
وهذا العلم إمّا يحصل بالخصوص من حال المنكر ، أو من إقراره ، أو من جهة الحدس الحاصل له بملاحظة حال المكلّف وحال التّكليف ، ولا بدّ أن يكون الحدس قطعيّا لئلّا يتبادر بتكفير مسلم ، سيّما مع قولهم عليهمالسلام : «ادرءوا الحدود بالشّبهات» (١). ثمّ إذا أظهر المنكر العذر واحتمل في حقّه الشّبهة ، فلا إشكال.
وحينئذ نقول : إنّ الاشتباه في كون المسألة من دين النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إمّا من جهة عدم الوصول إليه من جهة مانع من الاعتزال عن الإسلام بسبب أسره أو نحوه ، أو عدم حصول العلم بسبب كون الأخبار آحادا ، وإمّا من جهة عدم فهم ذلك من كلامه ، وإن بلغ الكلام في حدّ التّواتر والقطع.
فالأوّل : مثل بعض خصوصيّات المعاد وكيفيّتها الواردة من جهة الأخبار الآحاد ، والمسائل الظّاهرة لمن كان أسيرا بين الكفّار.
__________________
(١) «الوسائل» ٢٨ / ٤٧ ح ٣٤١٧٩.