والثّاني : مثل كون المراد من جسمانيّة المعاد هو كونه من باب عالم المثال المرئيّ في حال الرّؤيا كما يقوله الإشراقيّون ، وكون المراد ممّا ذكره الشّارع في بيان المعاد بلفظ الجنّة والنّار والحور والقصور والثّمار ، هو التّشبيه والتّقريب للأفهام الطّاهرة [الظّاهرة] ، وإلّا فالمراد في الحقيقة هو اللّذّات والآلام الرّوحانيّة الحاصلة للنفس بعد خراب البدن بسبب تذكّرها للأعمال الحسنة والسّيّئة في دار الدّنيا ، كما يقوله المشّائيّون ، ومثل كون المراد من الأخبار الدالّة على حدوث العالم هو الحدوث الذّاتيّ.
أمّا الأوّل : فلا إشكال فيه إذا لم يصل إليه بحيث يفيد العلم ، وأمّا الثّاني فهو المزلقة العظمى والمزلّة الكبرى ، فإن فرض لهم عدم التّقصير في الاجتهاد وأداهم النّظر الى ذلك ، فلا يجوز تكفيرهم ، ولا هم يعذّبون في الآخرة بذلك.
أمّا عدم التّعذيب في الآخرة ، فللزوم الظّلم على الله تعالى كما بيّنّاه سابقا.
وأمّا عدم التّكفير وعدم ترتيب أحكام الكفر عليهم في الدّنيا ، فلأنّ المعاد الذي هو أحد الأصول الخمسة بالاستقلال مثلا ، هو مطلق المعاد الذي يمكن أن يستدلّ عليه بالعقل القاطع أو بانضمام القدر المسلّم من الشّارع أيضا.
وأمّا خصوص الجسمانيّ ، فالحكم بكفر منكره إنّما هو من جهة استلزامه لإنكار النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بدعوى كونه ضروريّا منه ، وأنّ المنكر يعلم أنّه دينه وينكره ، وقد فرضنا عدم علمه بذلك.
فإن قلت : أنّه مقصّر في النّظر بسبب ما أشرب في قلبه قواعد الحكمة ، وحسب ما فهمه من ضوابطهم ، فهو بسبب هذه الشّبهة لا يفهم ذلك من كلام النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ويحمله على ما فهمه.