قلت : مع أنّ هذا خلاف الفرض ، إنّما يستلزم ذلك فسقه من حيث التّقصير في فهم الكلام ، وعدم العلم على مقتضاه في العلم أو العمل ، لا كفره المستند الى إنكار ما قاله النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم مع علمه بأنّه ممّا قاله.
والحاصل ، أنّ أصول الدّين ، بعضها من أصول الدّين بالاستقلال ، وبعضها من جهة أنّ إنكاره يستلزم إنكار أصل من أصول الدّين ، فالإيمان بالله والرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم واليوم الآخر ، في الجملة هو أصل الإيمان.
ومن فروع هذه الأصول الإيمان بما علم صدوره من الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم علما كان أو عملا.
ثمّ استمع لما يتلى عليك في تحقيق هذا المقام لئلّا يختلط عليك الأمر في فهم ضروري الدّين وغيره ، ومعياره وملاحظة حاله مع ما دلّ العقل على خلافه.
فنقول : إنّ الضّرورة إمّا يحصل بتواتر الأخبار الى أن يحصل بالبداهة (١) ، أو يحصل بالتّسامع والتّضافر ، وأكثر أخبار البلدان والسّلف من قبيل الثاني ، كما أشرنا في بحث الخبر المتواتر ، وما بلغ إلينا بالبديهة من دين نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم أكثرها من باب القرائن والتّسامع والتّضافر ، فإنّ علمنا بوجوب الصلاة الخمس في ديننا يحصل بملاحظة فعل النّاس ونسبتهم ذلك الى الدّين ، وإن لم ينقل هذه الطبقة من سلفهم ، وهكذا الى زمان النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على شرائط التّواتر ، بل وإن لم ينقله واحد بطريق واحد إليه أيضا ، فضلا عن التّواتر. فكما أنّ الأفعال قد تصير (٢) ضروريّا ،
__________________
(١) في نسخة الأصل (البداهة).
(٢) في نسخة الأصل (يصير).