فقد تصير (١) العقائد أيضا ضروريّا ، فقد ترى الأمّة عوامّهم وخواصّهم يقولون : إنّ بعد الموت حياة وجنّة ونارا وحورا وقصورا ، ويريدون به ما يفهمونه من ظواهره ، فإذا ضممنا هذا الى الظّواهر الواردة في الكتاب والسنّة المتجاوزة حدّ الإحصاء والحصر ، يحصل لنا القطع بأنّ ذلك دين نبيّنا صلىاللهعليهوآلهوسلم.
فمن قال : إنّه لا حياة بعد الموت ، أو لا جنّة ولا نارا ، مع علمه بأنّ هذا القول صادر من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم فهو مكذّب له جزما ، وهو كافر.
وأمّا من يقول : إنّ كلّ ما أخبره النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم حقّ ، لكن ما يفهمه العوامّ ويعتقدونه إنّما هو مطابق لبعض الخواصّ دون جميعهم ، وإنّ هنا جمعا وجمّا غفيرا من الخواصّ يعتقدون بذلك إجمالا ، لكنّهم يقولون : إنّ المراد من تلك الظّواهر (٢) هو التشبيه أو المثال كما تقدّم ، وإنّ ما فهمه العوامّ مطابقا لبعض الخواصّ لا حجّة فيه.
فجوابه من وجهين : الأوّل : أنّ الحجّة في فهم الكلام هو مطابقة تفاهم المخاطبين ، ومقتضى الحكمة أنّ الرّسول المبعوث على الكافّة ، يتكلّم على متفاهم الكافّة ، وحملة الآيات والأخبار جلّهم ، بل كلّهم كانوا يفهمون من تلك الظّواهر ما هو الظّاهر منها ونقلوه الى الطّبقة الأخرى مريدين ذلك منها ، ملقين إليهم مقاصدها ، الى أن وصل الى أرباب التّصانيف في الحديث ، ثمّ إلينا ، فالحجّة إنّما هي (٣) فهم حاملي تلك الآيات والأخبار ومخاطبيها.
والقول بأنّ هؤلاء العلماء الصّلحاء الفحول المتّقين لم يكونوا أهلا لتلك
__________________
(١) في نسخة الأصل (يصير).
(٢) في نسخة الأصل (الظاهر).
(٣) في نسخة الأصل (هو).