التّقصير مستلزم للأوّل لا الثاني.
وأمّا الثاني فمع عدم التّقصير ، لا كفر ولا عذاب ، ومع التّقصير لا يستلزم الكفر ، ولكنّه يوجب المؤاخذة والعذاب ، فلا بدّ لمن يحكم بكفر منكر الضّروريّ ، من التأمّل التامّ.
فتأمّل حتّى يظهر لك الأمر ولا يختلط ، فإنّ المقام محلّ الاشتباه.
ومن جملة موجبات الاشتباه في هذا المقام : أنّ قولهم : إنكار الضّروريّ كفر ليس بلفظ القرآن ولا بلفظ الحديث حتّى يرجع فيه الى الفهم العرفيّ.
ويقال : إنّ كلّ مجتهد يظهر له أنّ الأمر الفلانيّ ضروري الدّين ، بمعنى أنّه ممّا لا يشتبه على أحد من أهل الدّين ويحصل له الظنّ بذلك ، فيجب أن يعمل بظنّه ويحكم بالكفر ، ولا يجب عليه التفحّص عن الشّخص الخاصّ المنكر له ، هل هو ممّا يحتمل في حقّه الشّبهة أم لا ، بل هذا اللّفظ معبّر عمّا استفاده العقل من أنّ من أنكر ما علم أنّه من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فهو منكر للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا يمكن فيه أن يقال بمثل ما يقال في الصّورة الأولى ، بل لا بدّ هنا من العلم بكون الشّخص منكرا لما أخبره النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وهو لا يحصل إلّا بمعرفة حاله بالخصوص ، إذ هو ليس من الألفاظ التي ورد بها الشّرع حتّى يكفي فيه الظنّ بالمدلول كسائر موضوعات الألفاظ ، ولا يحضرني الآن خبر دلّ على ذلك. وإجماعهم المستفاد من كلامهم ، قابل للقدر المشترك بين الأمرين ، والإجماع على اللّفظ غير معلوم ، بل هذا اللّفظ اسم لما في نفس الأمر ، كما هو التحقيق ، فما لم يظهر كونه كذلك ، فالأصل عدم ترتّب الحكم عليه ، سيّما مع قولهم عليهمالسلام (١) : «ادرءوا الحدود بالشّبهات».
__________________
(١) وهي من رواية عن النبىّ صلىاللهعليهوآلهوسلم رواها في «الوسائل» ٢٨ / ٤٧ باب ٢٤ ح ٤ ـ