قانون
اختلف العلماء في أنّ كلّ مجتهد مصيب أم لا ، وحكم الاجتهاد في العقليّات والشّرعيّات في ذلك مختلف ، وقد مرّ الإشارة الى حال الاجتهاد في العقليّات.
ونقول هنا أيضا : إنّ الجمهور من المسلمين على أنّ المصيب فيها واحد ، وادّعى عليه الإجماع بعضهم (١) ، وأنّ النّافي للإسلام مخطئ آثم كافر ، اجتهد أم لم يجتهد.
وخالف في ذلك الجاحظ حيث قال : إنّه لا إثم على المجتهد وإن أخطأ ، لأنّه لم يقصّر بالفرض [بالغرض].
وزاد عليه عبد الله بن الحسن العنبريّ البصريّ (٢) : إنّه مصيب أيضا.
فإن أراد إدراك ما طابق الواقع فهو غير معقول ، للزوم اجتماع النّقيضين في مثل قدم العالم وحدوثه ، وإن أراد عدم الأثر ، فهو قول الجاحظ ، وإن أراد أنّه تكليفه على الظّاهر بمعنى أنّ المطلوب في الأصول الظنّ كالفروع ، فهو أيضا يرجع الى عدم الإثم.
قيل : الظّاهر أنّ مراد المخالف هنا من الإصابة وعدم الخطأ إنّما هو إذا كان الخلاف في الإسلام ، مثل الجبريّ والعدليّ ، والقائل بالرّؤية وعدمها ، وإلّا فلا يتصوّر تصويب اليهود والنصارى من المسلمين.
__________________
(١) كالعلّامة في «التهذيب» ص ٢٨٦ ، وفي بعض نسخه عبارة (اتفقت).
(٢) في «الأعلام» للزركلي ٤ / ١٩٢ ، عبيد الله بن الحسن العنبري ١٠٥ ـ ١٦٨ ه من تميم ، قاضى من أهل البصرة ، قال ابن حبان : من ساداتها فقها وعلما.