وهذا الاستدلال ضعيف ، فإنّ التكليف بما لا يطاق إذا نشأ من سوء الاختيار الحاصل هنا بالتّقصير ، على فرض التّقصير لم يثبت استحالته ، هذا حال العقائد التكليفيّة العقليّة الأصليّة.
وأمّا الفرعيّة من العقائد العقليّة كقبح الظّلم والعدوان ووجوب ردّ الوديعة وأداء الدّين ، واستحباب التفضّل والإحسان التي يستقلّ بها العقل ، فقالوا : إنّ المصيب فيها جزما أيضا واحد ، وإنّ المخالف فيها آثم ، كما صرّح به الشيخ في «العدّة» (١).
وهذا في حقّ المجتهدين ليس ببعيد كما ذكرنا ، بل ذلك ممّا لا يخفى إلّا على المستضعفين من جهة العقل أو المعاندين المقصّرين ممّن ينكر الحسن والقبح العقليّين أو يسلّمهما ، ويعاند في خصوص مسألة من تلك المسائل من جهة داع وغرض.
والكلام في أصل مسألة الحسن والقبح مثل ما نحن فيه ، ولو فرض عدم التّقصير ، فالكلام فيه كما مرّ.
فالكلام في أمثال ذلك مع الجمهور في أنّ أمثال ذلك هل هي ممّا يمكن أن يختفي على أحد أم لا ، وأمّا بعد إمكان الاختفاء ، فلا معنى للحكم بتعذيب من اختفى عليه بلا تقصير.
والكلام في الإمكان وعدم الإمكان هو ما مرّ من أنّه لا يبعد دعوى ذلك في حقّ المجتهدين الكاملين لا مطلق.
__________________
(١) فقد نقل عن مشايخه في «العدّة» ٢ / ٧٢٦ : انّ الحق واحد وانّ عليه دليلا ، من خالفه كان مخطئا فاسقا.