والقائلون بأنّه ظنّي اختلفوا ، فقيل : إنّه لم يكلّف بإصابة ذلك الدّليل لخفائه وغموضه ، فالمخطئ معذور.
وقيل : إنّه مأمور بالطّلب أوّلا ، فإن أخطأ وغلب على ظنّه شيء آخر انقلب التّكليف وسقط عنه الإثم ، وذكروا لكلّ من الطّرفين أدلّة أكثرها تطويل بلا طائل ، والحقّ ، ما ذهب إليه أصحابنا.
ونذكر من الأدلّة عليه ما هو أقرب إلى الصّواب ، وهو أصالة عدم التعدّد ، والإجماع المنقول المستفيض من أصحابنا ، وشيوع تخطئة السّلف بعضها بعضا من غير نكير.
__________________
ـ متكلّم من فقهاء المعتزلة أخذ شيئا من الفقه عن ابي يوسف القاضي الحنفي وعن حماد بن سلمة وسفيان بن عيينة ثم غلب عليه علم الكلام وقد نهاه الشّافعي عن تعلّمه وتعاطيه فلم يقبل منه ، وقال الشافعي : لئن يلقى الله العبد بكل ذنب ما عدا الشّرك أحب إلى من أن يلقاه بعلم الكلام ، وكان صاحب التّرجمة يناظر الشّافعي عند ما قدم الأخير بغداد. وكان صاحب الترجمة لا يحسن النّحو فكان يلحن لحنا فاحشا.
وهو من الذين دفعوا المأمون الى تجديد القول يخلق. القرآن ، وكان مرجئا وإليه تنسب الطّائفة المريسية من المرجئة. ونسب الى درب المريس ببغداد وقيل مرّيسة قرية بمصر. توفي بدرب المريس وذلك في ذي الحجة. ولما توفي لم يشيعه أحد من العلماء وصلّى عليه رجل يقال له عبيد الشونيزي فكلّمه بعض ، فقال لهم : ألا تسمعون كيف دعوت له في صلاتي عليه ، قلت : اللهم إنّ عبدك هذا ينكر عذاب القبر اللهم فأذقه من عذاب القبر ، وكان ينكر شفاعة نبيّك فلا تجعله من أهلها ، وكان ينكر رؤيتك في الدّار الآخرة فاحجب وجهك الكريم عنه. فقالوا له: أصبت.
له مصنّفات منها كتابه ، «الحجج في الفقه» ، ومن آرائه الأصولية كما عرفت انّ الخطاء في الاجتهاد يترتّب عليه الإثم.