والقول : بأنّ مرادهم خطأهم في الاجتهاد للتقصير ، أو لأنّهم لم يكونوا أهلا للاجتهاد ، خلاف الظّاهر.
والآيات الدالّة على ثبوت حكم خاصّ لكلّ شيء في نفس الأمر ، مثل قوله تعالى : (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ)(١) الآيات الثلاث ، و (ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ)(٢) ، (وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ)(٣). فإنّ حكم الشّيء قبل الاجتهاد ممّا يحتاج إليه ، فلا بدّ من بيانه في الكتاب والسنّة. وما ورد عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم (٤) أنّه قال : «إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد».
قال بعض الأصحاب : وهذا وإن كان خبرا واحدا إلّا أنّ الأمّة تلقّته بالقبول ولم نجد له رادّا ، والأخبار الدالّة على أنّ لله تعالى في كلّ واقعة حكما حتى أرش الخدش (٥) ، ولا يبعد تواترها ، وخصوص قول أمير المؤمنين عليه الصلاة
__________________
(١) (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ) المائدة : ٤٤ ، (مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) المائدة : ٤٥ ، (وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ) المائدة : ٤٧.
(٢) الأنعام : ٣٨.
(٣) الأنعام : ٥٩.
(٤) «سنن النّسائي» ٨ / ٢٢٤ ، ونقله البهائي بالمعنى في «الزّبدة» : ص ١٦٣
(٥) عن أبى عبد الله عليهالسلام : «ما خلق الله حلالا ولا حراما إلّا وله حدّ كحدّ الدّار ، فما كان من الطّريق فهو من الطّريق ، وما كان من الدّار فهو من الدّار حتى أرش الخدش فما سواه ، والجلدة ونصف الجلدة» «الكافي» ج ١ ص ١١٣ باب ٢٠ ح ٣ ، والأرش : جمعها الأروش والمراد بها دية الجناية ، والخدش : مزق الجلد ، قلّ أو كثر.