فنقول : دلالة هذه القاعدة التي أثبتها الإجماع على وجوب العمل بآيات تحريم الظنّ دلالة تامّة ، وليس من باب دلالة المشترك على معنييه حين استعماله فيهما على القول بجوازه ، ولا من باب الكلّي المجموعيّ ولا من باب دلالة كلّ واحد من ألفاظ الكلمة المركّبة على معناها.
فنقول : قولك : إنّ كلّ واحد من ظواهر الكتاب حجّة إلّا ما أخرجه الدّليل ، ينطبق بعمومه على آيات التحريم ، ويدلّ على حجّيتها دلالة تامّة ، وحينئذ فلا بدّ أن يكون المخرج والمخصّص ـ بالكسر ـ مغايرا للعامّ والمخصّص ـ بالفتح ـ وإلّا لم يكن دلالة العامّ على الآيات المذكورة دلالة تامّة.
فإذا كان جواز العمل بآيات التحريم هو مقتضى نفس تلك القاعدة العامّة ، فلا بدّ أن يكون المخصّص والمخرج شيئا آخر لاستحالة اتّحاد المخصّص والمخصّص ، لأنّ كلّ واحد من أفراد العامّ متساوي النّسبة مع الآخر في دلالة العامّ عليه ، وحجّية العامّ فيه.
نعم ، يصحّ الكلام إن قلت ، وقع الإجماع على حجّية آيات التحريم بعمومها وانعقد إجماع آخر على حجّية سائر الظّواهر ، وهذا الإجماع الثاني مخصّص لمقتضى الإجماع الأوّل.
والمفروض أنّ الإجماع المدّعى شيء واحد وهو الإجماع على حجّية ظواهر الكتاب من حيث إنّها ظواهر الكتاب ، ولم يدّع أحد الإجماع على حجّية آيات التحريم من حيث إنّها آيات التحريم ، ولو إدّعاه أحد فهو خروج عمّا نحن فيه ، والكلام عليه على نهج آخر.
والحاصل ، أنّ القاعدة التي تدّعيها بالإجماع هو عامّ منطبق على جزئيّاته بالدلالة التّامّة ، ولا يجوز أن يدفع دلالتها على بعض جزئيّاتها بدلالتها على البعض