الأمر وإن كان بسبب العادة فيختصّ باليقين المصطلح ، أو بأنّ المراد من العلم ما لا يحتمل النّقيض عند العالم ، فهو علم ما دام كذلك لا مطلقا.
فالكلام هنا يقع في موضعين :
أحدهما : أنّ هذا الجزم هل هو علم حقيقة ومن [وانّ] إطلاقاته الحقيقيّة أو المجازية؟
والثاني : أنّه حجّة أم لا؟ والأظهر في موضعين [الموضعين] نعم.
أمّا الأوّل : فلما يستفاد من تتبّع كلام العرب.
وأمّا الثاني : فللزوم التكليف بما لا يطاق لولاه ، ولما يستفاد من تتبّع طريقة الشّارع وسلوكه مع الرّعيّة ، وللزوم العسر والحرج لولاه. فالذي ينفع فيما نحن فيه ، أنّ القطع الذي يدّعونه في الأخبار ، وأنّ تلك الأصول ، كانت قطعيّة ، وأنّ حكم الصّدوق رحمهالله بصحّته ممّا يوجب القطع بالصحّة ، هل هو من قبيل ذلك الجزم الذي يمكن ارتفاعه بالتّنبيه والتّشكيك أو لا ، بل هو ظنّ؟
وأمّا دعوى كونه يقينا مصطلحا فهو ممّا لا يحسن دعواه من عالم منصف.
والتّحقيق ، أنّ دعوى مثل هذا الجزم من خبر الثّقة المشافه الحاظر ، ممّا لا يمكن إنكاره قبل التّنبيه عن الغفلة من احتمال السّهو والنسيان ،
وأمّا دعواه في حقّ أخبار كتبنا بعد تمادي الأيّام المتطاولة وسنوح السّوانح ووقوع ما وقع من الغفلات والزّلّات والاشتباهات ، واحتمال اختلاط تلك الأخبار في الكتب وتداخل الأصول المعتمدة بغيرها ، وإدخال صاحب التّصانيف المتأخّرة الأخبار المعنعنة عن المشايخ مضافا الى تلك الأصول فيها ، مع ما يتطرّق من احتمال الاشتباه في شأن صاحب التّصانيف المتأخّرة أيضا ، ففي غاية البعد.