وكيف يحصل القطع مع أنّ أشهرهم وأكثرهم رواية هو عمّار ، ولا يخفى على المطّلع برواياته ما فيها من الاضطراب والتّهافت الكاشفين عن سوء فهمه وقلّة حفظه. وممّا يشهد به ما رواه عن الصّادق صلوات الله وسلامه عليه في وجوب النّوافل اليومية ولما عرض عليه عليهالسلام قال : «أين تذهب ، إنّما قلت : إنّ الله يتمّ الفرائض بالنّوافل» (١) ، وأمثال ذلك.
ومنها : أن يكون الرّاوي من الّذين قال الإمام عليهالسلام فيهم أنّهم ثقات مأمونون ، أو : خذوا عنهم معالم دينكم ، أو : هؤلاء أمناء الله في الأرض ، وأمثال ذلك.
وفيه : أوّلا : أنّ ذلك يوجب الاحتياج الى علم الرّجال ، ومعرفة حال الرّجال أنّه هل هو منهم أو لا.
__________________
(١) روى الشيخ في التهذيب ٢ / ٢٥٩ باب ١٢ ح ٢٨ [٩٥٩] عن محمد بن احمد بن يحيى عن الحسن بن علي بن عبد الله عن ابن فضّال ، عن مروان عن عمّار السّاباطي «قال : كنّا جلوسا عند أبي عبد الله عليهالسلام بمنى ، فقال له رجل : ما تقول في النّوافل؟ فقال : فريضه ، قال : ففزعنا وفزع الرّجل ، فقال أبو عبد الله عليهالسلام : إنّما أعني صلاة الليل على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم إنّ الله يقول : ومن اللّيل فتهجّد نافلة لك.
وفي رواية عن محمد بن مسلم قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّ عمّار السّاباطي روى عنك رواية ، قال : وما هي؟ قلت : روى أنّ السّنة : فريضة ، فقال : أين يذهب ، أين يذهب؟! ليس هكذا حدّثته ، إنّما قلت له : من صلّى فأقبل على صلاته ولم يحدّث نفسه فيها أو لم يسه فيها أقبل الله عليه ما أقبل عليها ، فربما رفع نصفها أو ربعها أو ثلثها أو خمسها وإنّما أمرنا بالسنّة ليكمل بها ما ذهب من المكتوبة.
وفي رواية اخرى أيضا عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهالسلام قال : إنّ العبد ليرفع له من صلاته نصفها أو ثلثها أو ربعها أو خمسها فما يرفع له إلّا ما أقبل عليها منها بقلبه ، وإنّما أمرنا بالنّافلة (في التهذيب بالنّوافل) ليتمّ لهم بهما ما نقصوا من الفريضة. كما في «الوسائل» ٤ / ٧١ باب ١٧ و ٢٩ راجع أحاديثها.